" ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم؛ فيُطلب له من الصلاة هذا الأمرُ العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً. ويظهر حينئذٍ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبَّه به - وله أوفر نصيب منه -؛ صار له من المشبَّه المطلوبِ أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المشبَّه به من الحصة التي لم تحصل لغيره. فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم وعلى كلٍّ مِنْ آله - وفيهم النبيون - ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالةً على هذا التفضيل، وتابعةً له، وهي من موجباته ومقتضياته. فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته. اللهم! صلِّ على محمد، وعلى آل محمد؛ كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ". واعلم أنه لم يرد في أكثر هذه الأنواع من صيغ الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرُ إبراهيم نفسه مستقلاً عن آله؛ بل قال: " كما صليت على آل إبراهيم ". والسبب في ذلك ما تقدم بيانه؛ أن آل الرجل يتناوله كما يتناول غيره ممن يؤوله. قال شيخ الإسلام في " الفتاوى " (١/١٦٣) : " إذا أطلق لفظ: (آل فلان) في الكتاب والسنة؛ دخل فيه فلان، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ} ، وقوله تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} ، وقوله: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} ،