(ص ١٥٦) ما نصه: " ومن نظر بنظر الإنصاف، وغاص في بحار الفقه والأصول متجنباً الاعتساف؛ يعلم علماً يقينياً أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية التي اختلف العلماء فيها؛ فمذهب المحدِّثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم، وإني كلما أسير في شُعَب الاختلاف؛ أجد قول المحدِّثين فيه قريباً من الإنصاف، فلله دَرُّهم، وعليه شكرهم - كذا الأصل -، كيف لا؛ وهم ورثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقاً، ونواب شرعه صدقاً؟! حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم ". (٢) قال السبكي في " الفتاوى " (١/١٤٨) : " وبعد؛ فإن أهم أمور المسلمين الصلاة، يجب على كل مسلم الاهتمام بها، والمحافظة على أدائها، وإقامة شعائرها، وفيها أمور مُجْمَعٌ عليها؛ لا مندوحة عن الإتيان بها، وأمور اختلف العلماء في وجوبها، وطريق الرشاد في ذلك أمران: إما أن يتحرى الخروج من الخلاف إن أمكن، وإما ينظر ما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيتمسك به، فإذا فعل ذلك؛ كانت صلاته صواباً صالحة داخلة في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} . قلت: والوجه الثاني أولى؛ بل هو الواجب؛ لأن الوجه الأول - مع عدم إمكانه في كثير من المسائل - لا يتحقق به أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلوا كما رأيتموني أصلي "؛ لأنه في هذه الحالة ستكون صلاته - حتماً - على خلاف صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتأمل.