وقال للفتى: كيف تصنع أنت يا ابن أخي إذا صليت؟ ". قال: أقرأ بـ: {فاتحة
الكتاب} ، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ!
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني ومعاذ حول هاتين، أو نحو ذا ". قال: فقال الفتى: ولكن
سيعلم معاذ إذا قَدِم القوم وقد خُبِّروا أن العدو قد أتوا. قال: فقدموا، فاستشهد الفتى،
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك لمعاذ: " ما فعل خَصْمِي وخَصْمُك؟ ". قال: يا رسول الله!
صدق الله وكذبتُ؛ استُشهد ". (ص ٤١١ - ٤١٢) .
الجهرُ والإسرارُ في الصَّلوَاتِ الخَمْسِ وغَيْرِها
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وفي الركعتين الأوليَين من المغرب
والعشاء، ويسر بها في الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء.
وكانوا يعرفون قراءته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يُسِرُّ به باضطراب لحيته، وبإسماعه إياهم الآية أحياناً
وكان يجهر بها أيضاً في صلاة الجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف.
(ص ٤١٣ - ٤١٨) .
الجَهْرُ والإسْرارُ في القراءة في صلاةِ الليل
وأما في صلاة الليل؛ فكان تارة يُسِرُّ، وتارة يَجْهَر. و " كان إذا قرأ وهو في البيت؛
يسمع قراءته مَنْ في الحجرة. وهذا كناية عن التوسط بين الجهر والإسرار. " وكان ربما
رفع صوته أكثر من ذلك حتى يسمعه من كان على عريشه ". (أي: خارج الحجرة) .
وبذلك أمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؛ وذلك حينما " خرج ليلة فإذا هو بأبي
بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته، ومَرَّ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو
يصلي رافعاً صوته، فلما اجتمعا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: " يا أبا بكر! مررت بك وأنت
تصلي تخفض من صوتك؟ ". قال: قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول الله! وقال لعمر:
" مررت بك وأنت تصلي رافعاً صوتك؟ ". فقال: يا رسول الله! أُوْقِظُ الوَسْنَانَ، وأَطْرُدُ
الشيطان. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً ". وقال لعمر: " اخفض
من صوتك شيئاً ".
وكان يقول: " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسِر بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة ".
(ص ٤١٩ - ٤٢٨) .