للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................


" قال بعض الحنابلة: قَصْدُ الرجل الصلاةَ عند القبر متبركاً بها عَيْنُ المحاداة لله
ولرسوله، وإبداع دين لم يأذن به الله؛ للنهي عنها، ثم إجماعاً؛ فإن أعظم المحرمات
وأسباب الشرك الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، أو بناؤها عليها. والقول بالكراهة
محمول على غير ذلك؛ إذ لا يُظَنُّ بالعلماء تجويزُ فعلٍ تواتر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنُ فاعِلِهِ،
ويجب المبادرة لهدمها، وهدم القباب التي على القبور، إذ هي أضر من مسجد الضرار؛
لأنها أُسست على معصية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه نهى عن ذلك، وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهدم القبور
المشرفة، وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر، ولا يصح وقفه ونذره ". انتهى ما في
" الزواجر ".
فأفاد كلام المناوي والحنبلي أن قصد الصلاة إلى القبر وعنده محرم، وأنه تشريع لم
يأذن به الله، ومع ذلك ترى كثيراً من الناس - حتى بعض المشايخ - يقصدون مقامات
الأولياء والصالحين للصلاة عندها، والتبرك بها، وإذا قيل لهم في ذلك؛ قالوا: إنما
الأعمال بالنيات، ونياتنا طيبة، وعقائدنا سليمة! ولئن صدقوا في ذلك؛ فما هو
بمنجيهم من المؤاخذة عند الشارع الحكيم؛ لأنه إنما بنى الأحكام على الظواهر، والله
يتولى السرائر.
ولقد أنكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من خاطبه بقوله: ما شاء الله وشئت يا رسول الله!
فقال عليه الصلاة والسلام:
" جعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله وحده ".
ولقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أن ذلك الرجل ما قصد أن يجعله شريكاً مع الله، وهو
- رضي الله عنه - ما آمن به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا فراراً من الشرك؛ فكيف يجعله شريكاً لله؟!
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم ذلك منه، وإنما أنكر عليه ما سمعه من لسانه حتى يُقَوِّمَهُ مرة؛ فلا يتكلم
مرة أخرى بما يوهم الشرك والضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>