للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


" الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثاً واحداً، وهو حديث
العقيقة ".
قلت: والحسن - على جلالته ومنزلته في العلم -: مشهور بالتدليس والإرسال؛
ولذلك فالقواعد الحديثية تقتضي أن لا يحتج بشيء من حديثه عن سمرة وغيره، إلا بما
صرح فيه بالتحديث، وقد تأملت جميع طرق هذا الحديث - فيما لدي من كتب السنة
المطهرة -؛ فلم أجده إلا معنعناً؛ غير مصرح بسماعه له من سمرة، وقد جهدت أن أجد
له شاهداً - ولو بإسناد فيه ضعف -؛ فلم أجد. ولذلك فهو غير حجة عندي، وإن حسنه -
الترمذي وغيره! ولذلك جرَّدت الكتاب منه، على أن الحديث قد اضطرب فيه في محل
السكتة الثانية - كما أشار شيخ الإسلام إلى ذلك -، وإليك توضيح ذلك باختصار:
اعلم أن الحديث رواه عن الحسن أربعة من الثقات؛ وهم: يونُس بن عُبيد، وقتادة،
وأشعث الحُمْراني، وحُميد الطويل، وقد اتفقوا جميعاً على أن محلها بعد القراءة؛ قبل
الركوع، إلا أن يونس وقتادة اختلف عليهما في ذلك؛ فقيل عنهما: إنها قبل الركوع.
وقيل: إنها بعد {الفَاتِحَة} ؛ قبل السورة. ولا شك أن رواية أشعث وحميد التي لم
يختلف عليهما فيها أصح وأولى؛ لا سيما وقد وافقهما الآخران في رواية على ذلك.
ومن شاء التفصيل؛ فعليه مراجعة رسالة " الصلاة " لابن القيم، و " تعليقاتنا الجياد "
على كتابه " زاد المعاد ".
ثم قال شيخ الإسلام:
" ومعلوم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو كان يسكت سكتةً تتسع لقراءة {الفَاتِحَة} ؛ لكان هذا مما
تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقل هذا أحد؛ عُلم أنه لم يكن، وأيضاً فلو
كان الصحابة كلهم يقرؤون {الفَاتِحَة} خلفه؛ إما في السكتة الأولى، وإما في الثانية؛
لكان هذا مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله؛ فكيف ولم ينقل أحد عن أحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>