المستمع له مثل أجر القارئ. ومما يبين هذا اتفاقُهُم كلهم على أنه لا يقرأ معه فيما زاد على {الفَاتِحَة} ؛ إذا جهر، فلولا أنه يحصل له أجر القراءة بإنصاته له؛ لكانت قراءته لنفسه أفضل من استماعه للإمام، وإذا كان يحصل له بالإنصات أجر القارئ؛ لم يَحْتَجْ إلى قراءته، فلا يكون فيها منفعة، بل فيها مضرة شغلته عن الاستماع المأمور به. وقد تنازعوا إذا لم يسمع الإمام؛ لكون الصلاة صلاة مخافتة، أو لبعد المأموم، أو لطرشه، أو نحو ذلك؛ هل الأولى له أن يقرأ، أو يسكت؟ والصحيح: أن الأولى أن يقرأ في نفسه، وأنه أنفع؛ لأنه لا يستمع قراءة يحصل له بها مقصود القراءة. فإذا قرأ لنفسه؛ حصل له أجر القراءة، وإلا؛ بقي ساكتاً، لا قارئاً ولا مستمعاً، ومن سكت غير مستمع ولا قارئ في الصلاة؛ لم يكن مأجوراً بذلك ولا محموداً؛ بل جميع أفعال الصلاة لا بد فيها من ذكر الله تعالى؛ كالقراءة والتسبيح والدعاء أو الاستماع للذكر، وإذا قيل بأن الإمام يحمل عنه فرض القراءة؛ فقراءته لنفسه أكمل له، وأنفع له، وأصلح لقلبه، وأرفع له عند ربه. والإنصات لا يؤمر به إلا حال الجهر، فأما حال المخافتة؛ فليس فيه صوت مسموع حتى ينصت له ". اهـ. (١) هو من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. رواه أبو حنيفة الإمام قال: ثنا أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عنه مرفوعاً به. أخرجه الإمام محمد في " الموطأ " (٩٤ - ٩٦) وفي " الآثار " (١٦) ، والطحاوي (١/١٢٨) ، والدارقطني (١٢٢ و ١٢٣) ، والبيهقي (٢/١٥٩) ؛ كلهم عن أبي حنيفة به. ورواه عبد الله بن المبارك عنه، وعن غيره مرسلاً؛ بدون ذكر: جابر.