أحدهما: مطرف هذا - وهو: ابن طريف -، والآخر: يونس بن أبي إسحاق. فهو في عداد مجهولي العدالة، وتوثيق ابن حبان له لا يفيد؛ لما علم من تساهله في التوثيق. فظهر من هذا البيان أنهما أثران لا يصلح الاحتجاج بهما، ولعله من أجل ذلك رجع الشافعي عن قوله القديم؛ فقال في الجديد: إن المؤتم لا يجهر بآمين. ونصه في " الأم " (١/٦٥) : " فإذا فرغ الإمام من قراءة {أم القرآن} ؛ قال: آمين. ورفع بها صوته؛ ليقتديَ بها من خلفه. فإذا قالها؛ قالوها، وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا بها، فإن فعلوا؛ فلا شيء عليهم ". اهـ. وبهذا نأخذ إن شاء الله تعالى؛ لما سبق، وأيضاً لم يذكر أحد ممن روى جهره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتأمين أن الصحابة كانوا يجهرون بها وراءه، فلو كانوا يفعلون ذلك؛ لنقلوه إلينا، لا سيما وأن الجهر بها خلاف الأصل. قال تعالى (٧/٥٥) : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ؛ فلا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح. وقد خرَجنا عنه فيما يتعلق بجهر الإمام؛ لثبوت ذلك عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيبقى ما عداه على الأصل. وبالله التوفيق. ثم إني بعد كتابة ما تقدم رأيت ابن حزم قد أخرج الأثر في " المحلى " (٣/٣٦٤) إلى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أكان ابن الزبير يؤمّن على أثر {أم القرآن} ؟ قال: نعم، ويؤمّن من وراءه حتى إن للمسجد للجة. قال عطاء: وكان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإمام قبله، فيقول ويناديه: لا تسبقني بـ (آمين) .