للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب من وجهين:

الأول: أن الحديث لا يصح؛ بل هو باطل لا أصل له؛ قال العلامة

السبكي:

" لم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع ".

قلت: وإنما روي بلفظ:

" ... اختلاف أصحابي لكم رحمة ". و:

" أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم؛ اهتديتم ".

وكلاهما لا يصح: الأول: واه جدّاً. والآخر: موضوع. وقد حققت القول

في ذلك كله في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (رقم ٥٨ و ٥٩ و ٦١) .

الثاني: أن الحديث - مع ضعفه - مخالف للقرآن الكريم؛ فإن الآيات

الواردة فيه - في النهي عن الاختلاف في الدين، والأمر بالاتفاق فيه - أشهر

من أن تذكر، ولكن لا بأس من أن نسوق بعضها على سبيل المثال؛ قال الله

تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال: ٤٦) . وقال: {وَلَا

تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ

فَرِحُونَ} (الروم: ٣١ - ٣٢) . وقال: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}

(هود: ١١٨ - ١١٩) . فإذا كان من رحم ربك لا يختلفون، وإنما يختلف أهل

الباطل؛ فكيف يعقل أن يكون الاختلاف رحمة؟!

فثبت أن هذا الحديث لا يصح؛ لا سنداً ولا متناً (١) ، وحينئذٍ يتبين بوضوح

أنه لا يجوز اتخاذه شبهة للتوقف عن العمل بالكتاب والسنة، الذي أمر به الأئمة.


(١) ومن شاء البسط في ذلك؛ فعليه بالمصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>