هذان مثالان من أمثلة كثيرة، توضح للعاقل الأثر السيِّئ الذي كان نتيجة
اختلاف المتأخرين وإصرارهم عليه؛ بخلاف السلف، فلم يكن له أي أثر سيِّئ
في الأمة؛ ولذلك فَهُمْ في منجاة من أن تشملهم آيات النهي عن التفرق في
الدين؛ بخلاف المتأخرين. هدانا الله جميعاً إلى صراطه المستقيم.
وليت أن اختلافهم المذكور انحصر ضرره فيما بينهم، ولم يتعده إلى
غيرهم من أمة الدعوة، إذن؛ لهان الخطب بعض الشيء، ولكنه - ويا للأسف! -
تجاوزهم إلى غيرهم من الكفار في كثير من البلاد والأقطار، فصدوهم بسبب
اختلافهم عن الدخول في دين الله أفواجاً! جاء في كتاب " ظلام من الغرب "
للأستاذ الفاضل محمد الغزالي (ص ٢٠٠) ما نصه:
" حدث في المؤتمر الذي عقد في جامعة " برينستون " بأمريكا أن أثار أحد
المتحدثين سؤالاً - كثيراً ما يثار في أوساط المستشرقين، والمهتمين بالنواحي
الإسلامية -؛ قال:
بأي التعاليم يتقدم المسلمون إلى العالم؛ ليحددوا الإسلام الذي يدعون
إليه؟
أبتعاليم الإسلام كما يفهمها السنيون؟ أم بالتعاليم التي يفهمها الشيعة
من إمامية، أو زيدية؟
ثم إن كلاً من هؤلاء وأولئك مختلفون فيما بينهم.
وقد يفكر فريق منهم في مسألة ما تفكيراً تقدمياً محدوداً، بينما يفكر
آخرون تفكيراً قديماً متزمتاً.
والخلاصة؛ أن الداعين إلى الإسلام يتركون المدعوين إليه في حيرة؛