فقد أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي أيضاً (٢/٥٧ - ٥٨) من طريق عبد الله ابن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن به مختصراً بلفظ: " يعمد أحدكم؛ فيبرك في صلاته برك الجمل؟! ". فهذه متابعة قوية؛ عبد الله بن نافع ثقة أيضاً من رجال مسلم - كالدراوردي -. وأما ما أخرجه الطحاوي (١/١٥٠) ، والبيهقي (٢/١٠٠) ، وأبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " (١/١٠٢/٢) ، وعنه الأثرم في " سننه " - كما في " الزاد " (١/٨٠) -؛ كلهم من طريق ابن فُضَيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " إذا سجد أحدكم؛ فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل ". فقال الحافظ (٢/٢٣١) - تبعاً للبيهقي -: " إسناده ضعيف ". وأقول: بل هو ضعيف جداً، وعلته عبد الله بن سعيد هذا، وهو المقبري، وهو متروك - كما سبق في الحديث الذي قبل هذا -، وقد اتهمه بعضهم بالكذب. ولعله تعمد، فقلب هذا الحديث؛ فغير بذلك المعنى. وليس العجب من هذا المتهم، وإنما العجب أن يعتمد على حديثه هذا ابن القيم في " الزاد "؛ فيزعم أن حديث أبي هريرة الأول الصحيح مما انقلب على بعض الرواة متنه، وأن أصله: (وليضع ركبتيه قبل يديه) . - كما رواه المقبري هذا -! وهو إنما ذهب ذلك المذهب؛ لأن الحديث غير معقول عنده؛ لأن أوله يخالف آخره - كما زعم -، إلا على قول من يقول: إن ركبتي البعير في يديه. ولكنه ينكر ذلك؛ فيقول: " إنه كلام لا يعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وإنما الركبة في الرجلين ". كذا قال! وهو مما يتعجب منه أيضاً؛ كيف خفي عليه ذلك، مع أن نصوص العلماء