خلف؛ فهما العُرْقُوبان، وكل ذي أربع ركبتاه في يديه، وعُرْقُوْبَاهُ في رجليه ". ومثله تماماً في " تاج العروس " (١/٢٧٨) . ويشهد لذلك من كلامهم المعهود في استعمالهم قول علقمة والأسود عن عمر رضي الله عنه: أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه؛ كما يخر البعير - وقد تقدم في الحديث الذي قبل هذا -. فقد وصفا خروره رضي الله عنه على ركبتيه بخرور الجمل. وهذا وصف خاطئ بزعم ابن القيم؛ لأن الجمل لا يخر على ركبتيه عنده! ثم إن الواقع أن البعير إذا برك؛ فإنما يبرك بقوة حتى إن للأرض منه لرجةً، وكذلك المصلي إذا سجد على ركبتيه؛ كان لسجوده دويٌّ، لا سيما إذا كان يصلي في مسجد قد بسطت عليه (الدفوف) الخشبية، وكان المصلون جمعاً كثيراً؛ فهناك تسمع لهم لَجَّةً شديدة، مما يتنافى مع هيئة الصلاة وخشوعها؛ فنهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، وأمر بأن يقدم يديه أولاً؛ ليلقى بهما الأرض؛ فيتفادى بذلك الاصطدام بها بركبتيه، كما يفعل الجمل، فهذا وجه المشابهة بين بروك الجمل وبروك المصلي على ركبتيه. وقد أشار إلى هذا المعنى - والله أعلم - الإمام مالك حين قال - كما في " الفتح " -: " هذه الصفة أحسن في خشوع الصلاة. ونص المناسبة التي أبداها ابن المنير لتقديم اليدين وهي: أن يلقى الأرض عن جبهته، ويعتصم بتقديمها عن إيلام ركبتيه إذا جثا عليهما. والله أعلم ". (فائدة) : ظاهر الأمر في الحديث يفيد الوجوب، ولم أر من صرح بذلك غير ابن حزم؛ فصرح في " المحلى " بفرضية ذلك، وأنه لا يحل تركه. وفي ذلك دليل على خطأ الاتفاق الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (١/٨٨) على جواز كلا