قلت: وهذا الاحتمال هو الظاهر من الحديث عندنا إذا قابلناه بحديث أبي هريرة الآخر بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبر في الصلاة؛ سكت هنية ... الحديث؛ وفيه: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في هذه السكتة: اللهم! باعد بيني وبين خطاياي ... الحديث. وقد مضى [ص ٢٣٨] . فهذه السكتة - والله أعلم - هي المنفية في هذا الحديث. وقد أشار إلى هذا الإمام مسلم في " صحيحه "؛ حيث ساق أولاً الحديث المشار إليه، ثم ساق بعده هذا الحديث. وإسناد الحديثين واحد، فكأن أحدهما متمم للآخر؛ فالحديث نص في نفي مشروعية دعاء الاستفتاح، ولكنه لا ينفي مشروعية الاستعاذة. وقد اختلف الفقهاء: هل هذا موضع استعاذة أم لا - بعد اتفاقهم على أنه ليس موضع استفتاح -؟ وفي ذلك قولان، هما روايتان عن أحمد، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة: هل هي قراءة واحدة؛ فيكفي فيها استعاذة واحدة، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها؟ قال ابن القيم في " الزاد " (١/٨٦) : " والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر؛ للحديث الصحيح عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا نهض من الركعة الثانية؛ استفتح القراءة ولم يسكت. وإنما يكفي استفتاح واحد؛ لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت، بل تخللهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمدُ اللهِ، أو تسبيح، أو تهليل، أو صلاة على