والانتقالات ما لا يتفق مع الصلاة أو السكون فيها! وهل لك ما تجيبه على ذلك إلا أن تقول: إن الذي أمرنا بالسكون في الصلاة هو الذي أمرنا بهذه الحركات والانتقالات، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ، فهذا الجواب هو جوابنا لك وكفى. فسكت! وأما حجته الأخرى؛ فهي قوله: لما كان العلماء قد اختلفوا في صفة الرفع؛ فبعضهم يقول: يرفع المسبحة مع قبض الأصابع الأخرى. وبعضهم يقول: يبسط هذه الأخرى ويرفع المسبحة. وبعضهم يقول: يرفعها عند النفي ويضعها عند الإثبات. وبعض يعكس ذلك. وبعضهم يقول: يقبض الأصابع عند وضع اليدين في أول التشهد. وبعضهم إنما يفعل ذلك عند التهليل. وبعضهم يحرك المسبِّحة. وبعضهم لا يحركها. فلما رأيناهم اختلفوا في ذلك؛ تركنا هذه السنة؛ لأننا لم نعرف صفتها! فقلت له: لا يلزم من الاختلاف في صفة شيء ما تركُهُ مطلقاً أو إنكاره! وإلا؛ لزمك أن تترك أشياء كثيرة اختلف فيها العلماء حتى علماء مذهبك! فخذ مثالاً على ذلك: سنية وضع اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة؛ فبعضهم يقول بأن السنة القبض. وبعضهم: الوضع. وبعضهم: الجمع بينهما. هذا في مذهبك. وأما في المذاهب الأخرى؛ فالخلاف أشد؛ فبعضها تقول بأن الوضع يكون تحت السرة. وبعضها: فوقها. وبعضها: على الصدر. بل إن الإمام مالكاً لا يرى مشروعية الوضع مطلقاً - في رواية عنه -؛ فهل تترك أنت هذه السنة لهذه الاختلافات في كيفيتها؛ بل وفي أصلها أيضاً؟! فبهت. ثم قلت: لا ينجيك من هذه الاختلافات إلا الرجوع إلى ما أمرنا الله تعالى به في قوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ