الجاهليين -؛ ولهذا لم ترد الآيات في ذلك في الغالب؛ إلا بصيغة استفهام التقرير؛ نحو: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} . {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ} . {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} . ومما سبق تعلم أن المشركين لم يتخذوا الأصنام والأوثان شركاء لله تعالى في الربوبية؛ أي: أنهم [ما] اعتقدوا فيهم أنهم شركاء لله في الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، كلا؛ فإنهم نفوا ذلك بأنفسهم، وإنما اتخذوهم شركاء لله سبحانه في العبودية والألوهية؛ كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [٣٨: ٣] . فهم مقِرّون بأن المقصود بالذات هو الله تعالى، وأنهم إنما عبدوا أوثانهم؛ وسيلة توصلهم إلى الله. وفي " صحيح مسلم " (٤/٨) ، و " المختارة " للضياء المقدسي عن ابن عباس: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك. قال. فيقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ويلكم قَدْ قَدْ ". فيقولون: إلا شريكاً هو لك، تملِكه، وما ملك. يقولون هذا، وهم يطوفون بالبيت! ومعنى عبادة المشركين لأوليائهم وأصنامهم هو: أنهم خَصُّوهم بنوع من العبادات: كالاستغاثة بهم، والنذر، والنحر لهم، وغيرها؛ مما يدل على منتهى الخشوع والخضوع، وهم لم يفعلوا ذلك إلا لاعتقادهم أنها تقربهم إلى الله تعالى، وتشفع لهم لديه. فأرسل الله الرسل تأمر بترك عبادة كل ما سواه. وأن هذا الاعتقاد الذي يعتقدونه في الأنداد باطل، والتقرب إليهم باطل، وأن ذلك لا يكون إلا لله وحده، وهو توحيد العبادة. وقد كان المشركون، منهم: من يعبد الملائكة، وينادونهم عند الشدائد، ومنهم: من يعبد تماثيل لبعض الصالحين، ويهتف بها عند الشدائد، فبعث الله إليهم محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛