قولهم: إن التشهدَ الأولَ تخفيفُه مشروعٌ، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس فيه؛ كأنه على الرَّضْفِ. وقولهم: إنه لم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يفعل ذلك فيه. والجواب عن الأول: إن الحديث المذكور ضعيف لا يصح الاحتجاج به؛ لأنه من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه - كما تقدم ذلك مراراً -. أخرجه أصحاب " السنن " - إلا ابن ماجه -، والحاكم (١/٢٦٩) ، والبيهقي (٢/١٣٤) ، والطيالسي (ص ٤٤) ، وأحمد (١/٣٨٦ و ٤١٠ و ٤٢٨ و ٤٣٦ و ٤٦٠) من طرق عن سعد بن إبراهيم عنه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". وتعقبه الذهبي بقوله: " ينظر؛ هل سمع سعد من أبي عبيدة؟ ". وهذا ليس بشيء؛ فقد صرح سعد بسماعه من أبي عبيدة في رواية الطيالسي، والترمذي، وهو يرويه عنه، وكذا صرح به في رواية لأحمد. وإنما علته الحقيقية ما أشرنا إليه آنفاً، وقد ذكرها الترمذي أيضاً حيث قال: " هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ". ويتعجب منه كيف جمع بين تحسين الحديث وذكرِ علته التي تمنع الحكم عليه بالحسن، مع العلم بأنه ليس له طريق إلا هذه!