من الضروري أن تجتمع هذه الأمور الثلاثة في إثبات أمر واحد اتفاقاً. وعليه؛ فهذه الأدلة التي سقناها، والتي سيأتي ذكرها - كما أنها تدل على مشروعية الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأخير؛ فكذلك - تدل على مشروعيتها في الجلوس الأول بعمومها وإطلاقها - كما تقدم -. نعم؛ لو صح ما يقيد ذلك من الأدلة؛ لأخذنا بها؛ حملاً للمطلق على المقيد، ولكنه لم يصح - كما علمت -. على أنه قد بقي علينا أن ننبه على بعض الروايات التي تصلح دليلاً على ذلك من حيث ظاهر معناها، وإن كانت لا تصلح لذلك من حيث ضعف سندها؛ وهي روايتان: الأولى: عن ابن مسعود قال: علَّمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها ... الحديث وفيه: قال: ثم إن كان في وسط الصلاة؛ نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها؛ دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم. أخرجه أحمد، وكذا ابن خزيمة - كما في " التلخيص " (٣/٥٠٧) -. وهو حديث ضعيف - كما سبق بيانه في (جلسة التشهد) -. والأخرى: عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يزيد في الركعتين على التشهد. أخرجه أبو يعلى من طريق أبي الحويرث عنها. قال الهيثمي (٢/١٤٢) : " والظاهر أن أبا الحويرث هذا هو خالد بن الحويرث، وهو ثقة ".