للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


" الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء ". كما نقله هو في التعليق
(ص ١٧٧) . فإذ الأمر كذلك؛ فهذه الأحاديث غير صحيحة!
وهذه مغالطة مكشوفة، وكلام خِطَابي لا حجة فيه، وإنما {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ
الظَّمْآنُ مَاءً} ؛ وذلك لأن الصلاة في اللغة، وإن كان معناها ما ذكر؛ فذلك لا ينفي أن
يكون لها معنى شرعي هو غير معناها اللغوي، أو يزيد عليه، ألا ترى أن قوله تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} لا يمكن لمسلم أن يفهم معناه اللغوي؛ أي: الدعاء. فالصحابة رضي
الله عنهم حين سألوا بقولهم: كيف الصلاة عليك؟ لم يقصدوا المعنى اللغوي المعروف
عندهم الذي يلقفه ذهنهم، وإنما سألوا عن الصلاة الشرعية التي لا يمكنهم معرفتها من
لغتهم، بل من طريق نبيهم؛ فأجابهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما سألوا، وأمرهم بقوله:
" قولوا: اللهم! صل على محمد، وعلى آل محمد ... " إلخ.
وكل عالم باللغة العربية - مهما كان ضليعاً فيها كهذا الذي نحن في صدد الرد
عليه - لا يمكنه أن يستغني ألبتة عن بيان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للكتاب؛ فإن اللغة وحدها لا تكفي
في فهمه على الجادة والصواب؛ ألم تر أن الصحابة - وهم من هم في العربية - قد
احتاجوا إلى السؤال عن كيفية الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما سألوه غير ذلك؟
فقد أخرج الشيخان في " صحيحيهما "، والترمذي (٢/١٧٩ - طبع بولاق)
وصححه، وأحمد (١/٤٤٤) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} ؛ شَقَّ ذلك على المسلمين،
فقالوا: يا رسول الله! وأينا لا يظلم نفسه؟ قال:
" ليس ذلك؛ إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ
بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>