للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: التعريف بالطبعة السلطانية]

ترك السطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى مآثر عظيمة في مجالات واسعة من العلوم والفنون والعمارة والطباعة، لعل من أعظمها طباعتَه للجامع الصحيح للإمام البخاري على النسخة اليونينية، وجعله جميع نسخ الطبعة وقفًا عامًّا للمسلمين. وهي هذه النسخة التي تعاد طباعتها اليوم، إحياءً لذكراه وتخليدًا لمآثره، واستجلابًا للدعاء له.، واستدعاءً للترحم عليه.

صدر الأمر السلطاني بالطباعة في ٤ شعبان سنة (١٣١١)، كما يُستفاد من رسالة من الغازي أحمد مختار باشا إلى الديوان الهمايوني للسلطان. وفي السنة ذاتها ابتدأ الاشتغال بالطباعة، في المطبعة الأميرية الكبرى ببولاق قرب القاهرة، وتمت طباعة الصحيح في بداية سنة ١٣١٣. وصدرت في تسعة أجزاء بتنضيد جميل وإخراج بديع، وحلة قشيبة. وقد لقيت كل الاهتمام، وفرح بها المسلمون، واحتفل بها العلماء، وأصبحت منذ صدورها مُعْتَمَدَ العلماء والمحدِّثين، ومَفْزَعَ الطلاب والباحثين، وأجمع العلماء من ذلك الوقت على أنها أصحُّ طبعة للجامع الصحيح. وقد أنفق السلطان عليها من ماله الخاص، وجعلها وقفًا في سبيل الله تعالى للمسلمين، لا تُباع ولا تُشرَى.، فوُزِّعت على المكتبات والمعاهد والمساجدِ الكبرى والمفتين والعلماء في أرجاء العالم الإسلامي.

وهنا نلاحظ أن السلطان لم يرد الاستئثار بطبعه وإخراجه في إستنبول عاصمة الخلافة الإسلامية، رغم جَودة الطباعة فيها وتقدمها، فقد دخلت الطباعة إستنبول قبل مصر بمدة طويلة، وطبع أول كتاب عربي إسلامي فيها سنة (١٢٠٠) هجرية، وهو

<<  <   >  >>