للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصل البخاري في التمكن بالعربية إلى درجة نظم الشعر، وهي مرتبة تحتاج إلى مُكنة وسليقة وقريحة، مما يدل على أن عربيته صارت ملكة، وأن كونه غير عربي الأصل لم يؤثر فيه على الإطلاق. ومن هنا يتبين لنا تهافت المطاعن التي وجهت إليه من حيث أنه غير عربي. ومن شعر الإمام البخاري قوله:

اغْتَنِمْ في الفَراغِ فَضْلَ رُكُوعٍ ... فَعَسى أنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَهْ

كَمْ صَحِيحٍ رَأَيْتَ مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ ... ذَهَبَتْ نَفْسُهُ الصَّحِيحَةُ فَلْتَهْ

[تصدر البخاري للتحديث]

بدأ الإمام البخاري بإملاء الحديث وهو دون الثامنة عشرة. قال أبو بكر بن أبي عتاب الأعين.: "كتبنا عن محمد بن إسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفِريابي". وكانت وفاة شيخه الفِريابي سنة ٢١٢.

فدل ذلك على أن البخاري كان قد عُرف بالحفظ والرواية قبل ذلك، حتى بدأ الناس يأخذون عنه.

ولم يتصدر البخاري للتحديث إلا بعد تحقق أهليته، رُوي عنه أنه قال: "ما جلستُ للتحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرتُ في كتب أهل الرأي، وما تركت بالبصرة حديثًا إلا كتبته" ..

[شهرة البخاري]

لم تكن شهرة البخاري مؤسسة على قربه من الخلفاء، بل على نبوغه في العلم والحفظ.، وجهوده في خدمة السنة المشرفة. عن أبي جعفرٍ محمد بن أبي حاتم ورَّاقِ البخاري: أن طلبة العلم كانوا يَعْدُون خلف الإمام البخاري فى طلب الحديث وهو

<<  <   >  >>