للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووُصف بأنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم، وسبب ذلك الشروط التي نظر إليها وتقيد بها عند جمعه. ولكن البخاري لم يصرِّح بأي شرط في كتابه، وإنما استنبط العلماء شرطه من سَبْرِ أسانيده، ومن بعض كلامه المرويِّ عنه في غير الصحيح.

وشرط البخاري في الحديث الصحيح الذي هو مقصود كتابه أن يكون إسناده من شيوخه إلى الصحابي متصلًا من غير شذوذ ولا علة. وأن يكون كل راوٍ ثقةً، مشهورًا بالعدالة في نفسه، والضبط لما يرويه، وأن يكون في أعلى درجات الضبط والإتقان بين الرواة عن شيخه. وأن يكون كل راوٍ قد ثبت لقاؤه بشيخه الذي يروي عنه إذا لم يصرح بالسماع منه مرةً، ولا يروي حديثًا خالف راويه الثقاتِ الأثبات.

وبين الحافظ أبو الفضل ابن طاهر المقدسي (-٥٠٧) ذلك فقال: "شرط البخاري أن يخرِّج الحديث المتفقَ على ثقةِ نَقَلَتِهِ إلى الصحابيِّ المشهور، من غير اختلافٍ بين الثقات الأثبات، ويكونُ إسناده متصلًا غيرَ مقطوع. وإن كان للصحابي راويان فصاعدًا فحسنٌ، وإن لم يكن إلا راوٍ واحدٌ وصحَّ الطريقُ إليه كفى".

[كيف وصل إلينا الجامع الصحيح]

هذا سؤال هامٌ طرحه في سياق التشكيك بعض الغرباء عن العلوم الإسلامية، ومن تكلم في غير فنه واختصاصه أتى بالعجائب. ذلك أن لكل كتاب في الإسلام طريقًا للرواية.، إما بالسماع من المؤلف أو القراءة عليه أو الإجازة منه.

وبما أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، وهو عمدة الأمة في السنة المطهرة، فقد لقي من الاهتمام بنقله وروايته وحفظه ما يليق به، وسنؤجل الحديث عن أوجه الاعتناء به إلى فصل خاص، ونقصر الكلام هنا على نقله وروايته، لنصل إلى أن الأسانيد التي نُقل بها صحيح البخاري إلينا أسانيدُ متواترةٌ، وصلت إلى

<<  <   >  >>