للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَرَف البخاري بما تأدب عليه في المكتب أن طلب العلم لا بد فيه من الحفظ فانصرف إليه، فأخذ كتب مشاهير المحدثين واشتغل بحفظها، ومما حفظه في تلك المرحلة المبكرة التي بلغ فيها بلغ السادسة عشرة من عمره:

[١. كتب الإمام عبد الله بن المبارك (١١٨ - ١٨١)]

قال يحيى بن معين في وصفها: "كانت كتبه التي يحدِّث بها عشرين ألفًا أو واحدًا وعشرين ألفًا". ولم يُمَيِّزِ الراوي العدد، ولم يبيِّن ما هو المعدود، وبين الشيخ زاهد الكوثري أن المعدود الأحاديث. وأرى أنه لا يَبعد أن تكون الأوراق، فإن ابن المبارك حمل عن ألفي شيخ، ولو كان المقصود عدد الأحاديث، لكان الكلام: "كانت أحاديثه التي يحدث بها عشرين ألفًا إلخ". ويؤيد ما ذهبنا إليه ما سيأتي أن البخاري حفظ في البصرة خمسة عشر ألف حديث في ستة عشر يومًا، وكان رفقاؤه يكتبون وهو لا يكتب.

[٢. كتب الإمام وكيع بن الجراح (١٢٩ - ١٩٧)]

وهي: التفسير، وكتاب الزهد، والسنن، وفضائل الصحابة، والمُسند، والمصنف، والمعرفة والتاريخ، ونسخة [مرويات] وكيع عن الأعمش. وتدخل هذه المصنفات كلها في فنون الحديث لأن أبواب العلم كانت تعتمد على رواية بالأسانيد.

فانظر مقدار ما كان يشتغل البخاري بحفظه في مدة وجيزة. لتعرف مقدار ما حفظه، بعد ذلك، ولا تستغرب قوله: إنه انتخب الصحيح من ستمائة ألف حديث.

ولا يُستغرب انتشار كتب ابن المبارك ووكيعٍ في بخارى.، فكلاهما كان يميل إلى مذهب أبي حنيفة، وكانت خراسان وبخارى من أهم معاقل مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

<<  <   >  >>