للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الحادي عشر: آداب رواية الحديث]

[فضيلة الأدب]

الأدب أفضل ما يتحلى به الإنسان، وأجملُ ما يتزين به بين الأنام، شهد الشرع والعقل بفضله، واتفقت الآراء والألسنة على شكر أهله. وأولى من تحلى بالأدب هم طلاب العلم الذين ينتسبون إلى الشريعة، ويشتغلون بطلب علومها. فإنهم في قادمات الأيام هم الأئمة والخطباء، والمدرسون والعلماء، والمفتون والقضاة، وهم الذين سيحملون هذه الأمانة من شيوخ عصرهم.، فأولى أن يعرفوا أصول طلب العلم، وأن يكونوا متأدبين بآدابه، متحلين بصفات العلماء الربانيين.

قال الله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [سورة آل عمران: ٧٣]، والربانيون هم العلماء الفقهاء الحكماء الأتقياء، الذين يعملون بالعلم، ويُرَبُّون بصغار العلم قبل كباره.

وطلب العلم الشرعي الشريف عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، ولا يزال في كل عصر من العلماء الثقات عدول يحملون هذا العلم وينشرونه، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. وللعلم وطلبه أصول وقواعد وأسس ومناهج وآداب كادت في هذا العصر تضيع في خضم الجامعات وتهافت الناس على الشهادات.

وللأدب في طلب العلم فضيلةٌ كبرى ومزيةٌ عُظمى، ولذلك حرص عليه السلف الصالحون قال محمد بن سيرين: كانوا يتعلمون الهُدى كما يتعلمون العلم. وقال عبد اللّاه بن المبارك: لا ينبُل الرجل بنوعٍ من العلم ما لم يزيِّن عمله بالأدب. وقال بعضهم

<<  <   >  >>