للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العجب من رده الخطأ إلى الصواب، فإنه كان حافظًا، بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقَوه عليه من مرة واحدة.

[علم البخاري بالعربية]

لم يقتصر البخاري في طلبه للعلم على الحديث، بل توسع في علوم العربية، حتى ملك أدوات الاجتهاد، وصار ينظم الشعر. ومن الإشارات التي تدل على تمكنه في علوم العربية أنه هو نفسه جعله شرطًا للمحدث قبل طلب الحديث في نصيحته الشهيرة فقال: "ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع من كسب العبد أعني: معرفة الكتابة، واللغة، والصرف، والنحو".

ومن تتبع كلام الإمام البخاري الذي رُوي عنه، ومفرداته التي كان ينتقيها، علمَ مقدار علمه بالعربية، فإن كلام الرجل ينبئ عن فصاحته، والمرء مخبوءتحت طَيِّ لسانه، لا تحت طَيْلَسانه.

ومما يدل على تمكنه من العربية ما ساقه من اللغة في تراجم أبواب الصحيح، ومنه ما رواه من كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدةَ مَعمرِ بن المُثَنَّى (١١٢ - ٢٠٨)، مع أن الكتاب يعتمد على اللغة في تفسير القرآن، بدل الاعتماد على السنة.

قال الحافظ أبو الفضل العسقلاني: "وقد أكثر البخاري نقل كلامه، فتارةً يصرح بعَزْوِهِ.، وتارةً يُبْهِمُه".

كما أن البخاري ساق في الصحيح خبرًا فيه ثلاثة أبياتٍ لامرئ القيس بن حِجرٍ الكندي مع أنه من شعراء الجاهلية، ويعرف بالملك الضِّلِّيل، وسنتكلم فيما بعد عن الشعر في صحيح البخاري.

<<  <   >  >>