للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى. والسبب الظاهر لوفاته هو المرض، فقد مرض بضعة أيام، وقدَّمنا أنه كان قليل الأكل جدًّا، زد على هذا ما كان يلازمه من قلة النوم ومداومة السهر وطول السفر. سوى ما توالى عليه من الهموم، فلا شك أن هذا قد أوهن جسمه، ونال من صحته.

ثم اتفق أهل سمرقند على مجيئه وأتاه الرسول يدعوه، فأجاب وتهيأ للركوب، ولبس خفيه وعمامته، فلما مشى قدر عشرين خطوة، قال: أرسلوني فقد ضعُفت، فأرسلوه فدعا بدعوات ثم اضطجع وتوفي.

وكانت وفاته بعد صلاة العشاء من ليلة يوم الفطر الأول من شهر شوال، سنة مائتين وست وخمسين للهجرة.، عمره اثنتان وستون سنةً إلا ثلاثة عشر يومًا. وقد وافق شهر وفاة الإمام البخاري - وهو شوال - شهر ولادته.

وتولى غالب بن جبريل أسباب دفنه، وكان غالب بن جبريل هذا من أهل العلم، وقد توفي بعد البخاري بمدة يسيرة وأوصى أن يُدفن إلى جانبه.

ولما صُلِّي عليه ووُضع في حفرته فاحت من تراب قبره رائحةٌ طيبة كالمسك، ودامت أيامًا، وتردد الناس إلى قبره مدة يزورونه، ويأخذون من تراب القبر.

قال عبد الواحد بن آدم الطواويسي: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقف في موضع، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: ما وقوفك يا رسول الله؟ قال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري. فلما كان بعد أيام. بلغني موته.، فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها".

[الخلفاء العباسيون الذين عاصرهم البخاري]

الأمين بن هارون الرشيد (١٩٣ - ١٩٨).

<<  <   >  >>