سنة ١٣١٤، وانتهت سنة ١٣١٥، ونفدت تلك الطبعة الثانية بعد مدة وجيزة.، لاشتهار الطبعة السلطانية الأولى ومعرفة العلماء بصحتها ودقتها. وهكذا صارت الطبعة السلطانية للبخاري تحفة نادرة، يَتفاخر العلماء باقتنائها، وتبذل في سبيل تحصيلها الأموال الطائلة، ويُرحَل في البحث عنها وطلبها إلى أقاصي البلاد.
ونظرًا لما لصحيح البخاري من أهمية في الإسلام، ومكانة في قلوب المسلمين، فإن أهم ما كان يحذره السلطان هو وقوع التحريف والخطأ فيه، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، ولذلك أصدر السلطان الأمر بتكليف شيخ الأزهر في ذلك الوقت الإمام الأكبر الشيخ حسونة النواوي بالإشراف على تصحيح المطبوع ومقابلته وتدقيقه. ولكن رسالة مندوب السلطان، تكشف عن أن تكليف شيخ الأزهر كان باقتراح منه زيادة في الاحتياط، وأكد المكاوي هذا في مقدمة تصحيحاته.
أَبلغ مندوبُ السلطان شيخَ الأزهر بالأمر السلطاني في ١٩ رمضان سنة ١٣١٢، فشكل شيخ الأزهر على الفور لجنة من ستة عشر من كبار العلماء من المذاهب الأربعة، ثلاثة منهم صاروا شيوخًا للأزهر الشريف فيما بعد: هم السيد علي الببلاوي والشيخ سليم البشري والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، وجميعهم جهابذة في العلوم النقلية والعقلية، وأئمة في علوم اللغة العربية وآدابها، ستأتي تراجمهم مفصلة فيما بعد ..
ويستخلص من تقرير شيخ الأزهر ومقدمة المَكاوي ورسالة مندوب السلطان أنَّ طبع صحيح البخاري كان قد تمَّ وقت تكليف شيخ الأهر بالمراجعة، فقد أُرسلت النسخ المطبوعة إليه، وتم تسليمه النسخة اليونينية بيد عبد السلام باشا المويلحي، وهو سياسي مصري مرموق.