للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت التعليمات تأتي من السلطان عبد الحميد إلى الأزهر والمطبعة الأميرية بواسطة المندوب العالي للسلطان في مصر الذي كلفه السلطان بالإشراف على الطبعة. وهو رجل من أعظم رجالات الدولة العثمانية في ذلك العصر، هو الغازي أحمد مختار باشا، وهو قائد عسكري وصل إلى أعلى الرتب، وحقق انتصارات عظيمة للجيش العثماني خصوصًا في الحرب مع الروس، وهو والٍ سابق على اليمن وكريت، زد على هذا أنه عالم بالرياضيات والفلك يتقن اللغة العربية. وقد بقي سبعة وعشرين عامًا مندوبًا عاليًا للسلطان في مصر، وتولى منصب الصدر الأعظم بعد ذلك كما ستجد في ترجمته.

والذي يظهر لي من تتبع الأحداث أن أحمد مختار باشا وشيخ الإسلام محمد جمال أفندي كان لهما الدور الأكبر من الجانب العثماني في إنجاز هذا المشروع. ومن المعروف عن السلاطين العثمانيين أنهم كانوا لا يتخذون قرارًا في الشؤون الدينية الهامة دون مراجعة شيخ الإسلام. كما أن الغازي أحمد مختار باشا كان على وثيق الصلة بشيخ الإسلام، يكشف عن ذلك أن شيخ الإسلام محمد جمال الدين أفندي قد أعيد إلى المشيخة بعد عزله بمدة، عندما عُين أحمد مختار باشا صدرًا أعظم في فترة شهدت الاقتران بين الصدر الأعظم وشيخ الإسلام في التعيين والعزل.

والذي نستشِفُّه من المراسلات التي حصلنا عليها بين الديوان الهمايوني للسلطان والغازي أحمد مختار باشا، وننشرها في كتابنا، أن السلطان هو الذي رغب في إصدار هذه الطبعة بنفسه، وأصدر بذلك إرادة سَنية، وعهد إلى ديوانه في القصر بمتابعة التطورات والتفاصيل.

بقي أن بعض الفضلاء اعترض على الطبعة السلطانية بغياب الإسناد منها، والجواب على ذلك أن المصححين قد نقلوا سماع ابن مالك على اليونيني، وشهادة اليونيني

<<  <   >  >>