للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحل في طلب الحديث وحج، وروى عن الإمام مالك بن أنسٍ (٩٣ - ١٧٩)، والإمام عبد الله بن المبارك (١١٨ - ١٨١)، وحمَّاد ابن زيدٍ (-١٧٩)، وأبي معاوية الضرير محمد بن خازمٍ (١١٣ - ١٩٥). ويبدو أن له رواية عن سفيان الثوري، فقد كان عنده كتاب الجامع لسفيان الثوري، كما أخبر بذلك ابنه، وقد قرأه البخاري على صديق أبيه الإمام أبي حفصٍ الكبير، وصحح للإمام موضعًا فيه، مما يدل على أنها كانت نسخةً صحيحة.

وكان أبو الحسن إسماعيل وثيق الصلة بكبار علماء مدينة بخارى، وله منهم أصحاب لا يترددون في الرجوع إليه في خواص أمورهم، يُستفاد ذلك من قصة أوردها الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام أبي حفص الكبير أحمد بن حفصٍ البخاري الحنفي (١٥٠ - ٢١٧)، وهو من كبار أئمة الحنفية، وكان من تلاميذ الإمام محمد بن الحسن الشيباني (١٣١ - ١٨٩). فقد رأى أبو حفصٍ النبيَّ عليه الصلاة والسلام في منامه، عليه قميصٌ، وامرأةٌ إلى جنبه تبكي، فقال لها: لا تبكي، فإذا متُّ فابكي. وبحثَ الإمام أبو حفصٍ عن عالمٍ يعبِّر له هذه الرؤيا فلم يجد عند أحدٍ عِلمًا، حتَّى اجتمع بإسماعيل والد الإمام البخاري فقصها عليه، فأخبره إسماعيلُ بتأويلها قائلًا له.: "إن السنةَ قائمةٌ بعدُ"، فاستغنى أبو حفصٍ بهذا الجواب. ويُستفاد من هذه القصة أن والد البخاري كان ذا مكانة عالية بين علماء بخارى. واستمرت الصلة بين أبي حفص وأبي الحسن إلى وفاة الثاني، وقد عاده أبو حفص في مرض موته، وسمعه يقول: "لا أعلم من مالي درهمًا من حرامٍ ولا درهمًا من شبهة".

وروى أبو حفص هذا الكلام وقال عقبه: "فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك". ويبدو لي أن سبب إيراد إسماعيل لهذا الكلام وهو على فراش الموت مقبل على الله تعالى، لا غرض له في شيء من الدنيا هو أن يطمئن أصحابه إلى أن المال الذي سيخلفه لابنيه أحمد ومحمد هو مال حلال خالص عن الشبهة.

<<  <   >  >>