للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بناءٌ في دمشق يعلوها. وصفها ابن جُبيرٍ في رحلته فقال: "وأعظم ما في هذا الجامع المبارك قبة الرصاص المتصلة بالمحراب وسطه، ساميةٌ في الهواء، عظيمة الاستدارة، قد استقل بها هيكل عظيم هو غاربٌ لها، يتصل من المحراب إلى الصحن، وتحته ثلاث قباب ... ومن أي جهة استقبلت البلد ترى القبة في الهواء منيفة على كل علوٍّ كأنها معلقة من الجو".

وأقدم من تولى هذا الكرسي شمس الدين محمد الميداني (-١٠٣٣)، ولكن اختصاص هذا المكان تحت القبة بتدريس الحديث قديم، فقد عقد الحافظ أبو الفضل العسقلاني في هذا المكان مجالس إملائه سنة ٨٣٦. وألف الشيخ عبد الرزاق البيطار كتابًا بعنوان: (نتيجة الفكْر فيمن درَّس تحت قبة النسر)، وألف الشيخ جمال الدين القاسمي كتاب: (اللف والنشر في طبقات المدرسين تحت قبة النسر).

وقد تولاه ابتداءً من القرن الثالث عشر علماء آل الكزبري، يدرِّسون فيه الصحيح. منهم العلامة الشيخ أحمد مسلم الكزبري (١٢٤١ - ١٢٩٩)، وتولى وظيفة معيد درسه جماعة منهم: الشيخ صالح السمعوني الجزائري والد العلامة الشيخ طاهر الجزائري.

وآخر من تولى هذا المنصب وقام به بحق هو المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني (١٢٦٧ - ١٣٥٤). ومما يدل على أن هذا الكرسي أُحدث في أيام العثمانيين أن مخصصاته كانت تُصرف من الدولة العثمانية، وكان راتب هذه الوظيفة خمسة وعشرين ليرة ذهبية.، وكان التعيين فيها يأتي بقرار من السلطان نفسه، لما لها من مكانة عالية، ومنزلة رفيعة.

وكان بالجامع الكبير بمدينة حلبَ كرسيٌّ خاصٌّ لا يجلس عليه إلا مدرِّس صحيح البخاري، أشار إليه موفق الدين سبط ابن العجمي في تاريخ حلب.

<<  <   >  >>