ومن هذه الأمثلة: لما أتمَّ السلطان الحسن الأول (-١٣١١) رحمه الله تعالى بناء قصر الرباط وأراد افتتاحه أقام احتفالًا عظيمًا تم فيه ختم صحيح البخاري. ولما أراد الاحتفال بعيد الفطر سنة ١٢٩٠، أقام احتفالًا مَهيبًا ختم فيه صحيح البخاري، وحضره العلماء والأعيان، وقد ألقيت فيه بهذه المناسبة أكثر من خمسين قصيدة.
ولما خرجت المسيرة الخضراء سنة ١٣٩٥ لاسترجاع الصحراء المغربية أمر الملك الحسن الثاني (١٣٤٨ - ١٤٢٠) رحمه الله تعالى بعقد مجالس صحيح البخاري رجاء بركته، فتم ختم الصحيح مئات المرات في جميع أنحاء المغرب في مدة وجيزة.
ولا يزال صحيح البخاري يُقرأ في المغرب كل عام في رمضان في معظم مساجد المغرب الكبرى في سائر المدن، ويختم ليلة القدر، ويحضر أمير المؤمنين الملك محمد السادس مجلس الختم، حيث يقوم أحد كبار العلماء من الذين قرأوا الصحيح خلال الشهر بختم الصحيح بين يدي الملك، فيشرح حديث الختم فيه، ويشتغل الحاضرون بالتسبيح والتهليل والدعاء. وهي سنةٌ حميدة اندثرت في العديد من البلاد الإسلامية، وبقي المغرب متمسكًا بها محافظًا عليها، وما هي إلا إحدى مآثر ملوك الدولة العلوية المجيدة.