للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليستقبله .. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة العلماء، فنزل دار البخاريين".

وكان موقف الذهلي في أول الأمر حسنًا، إذ حث الناس على الذهاب إلى البخاري والسماع منه، وقال: "اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه". ونهى تلاميذه أن يسألوا البخاري عن شيء من مسائل علم الكلام، وقال: "لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل ناصبيٍّ وكل رافضيٍّ وكل جهميٍّ وكل مُرجئٍ بخراسان".

فأقبل الناس على البخاري حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى، قالوا: فحسده بعد ذلك وتكلم فيه".

وازدحم الناس على باب البخاري وامتلأت الدور والسطوح، وفي اليوم الثالث سأله رجل عن اللفظ بالقرآن: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن، أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري، وأعاد السائل السؤال ثلاث مرات، فأجابه البخاري بقوله: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة .. وفي رواية أنه أجاب بقوله: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا.

وكلا الجوابين يدل على تمكن البخاري في العلم وتمسكه بمذهب أهل السنة وتمكنه في العلم، لكن الناس في المجلس اختلفوا، فادعى بعضهم أنه قال: "لفظي بالقرآن مخلوق" وأنكر بعضهم، وقام بعضهم إلى بعض، فأخرجهم أصحاب الدار.

وشاع في نيسابور أن البخاري يقول: "لفظي بالقرآن مخلوق" .. فقال الذهلي: "القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع لا يجلس إلينا، ولا نكلم بعد هذا من يذهب إلى محمد بن إسماعيل". واتهم الذهلي البخاري صراحةً

<<  <   >  >>