للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- يا أبا عبد الله، قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال:

- ليس إلا ما أقول.

وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفَّاف (-٢٩٩) للبخاري:

- يا أبا عبد الله، هاهنا أحدٌ يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة. فقال:

- يا أبا عمرٍو، احفظ ما أقول لك. من زعم من أهل نيسابور وقومسَ والرَّيِّ وهمَذانَ وحُلوانَ وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت: "لفظي بالقرآن مخلوقٌ" فهو كذابٌ. فإني لم أقله، إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقةٌ.

وقال له أحمد بن سلمة النيسابوري (-٢٨٦): يا أبا عبد الله، هذا رجل مقبول بخراسان، خصوصًا في هذه المدينة، وقد لجَّ في هذا الحديث، حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه، فما ترى؟ فقبض على لحيته ثم قال: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [سورة غافر: ٤٤]. اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابورَ أشرًا ولا بَطَرًا ولا طلبًا للرئاسة، وإنما أَبَتْ عليَّ نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين .. وقد قصدني هذا الرجل حسدًا لما آتاني الله لا غير. ثم قال له: يا أحمد، إني خارجٌ غدًا لتخلصوا من حديثه لأجلي. قال أحمد بن سلمة: فأخبرت جماعةً من أصحابنا، فوالله ما شيَّعه غيري. كنت معه حين خرج من البلد، وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره.

وقال الذهلي بعد تلك الفتنة: "لا يساكنني محمد بن إسماعيل في البلد". فخشي البخاري على نفسه وخرج من نيسابور، ورحل إلى مروَ وغيرها من مدن خراسان يحدث بها.

<<  <   >  >>