للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرجت في طلبه حتى لحقتُه، وسألته:

- أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث؟ فأجاب البخاري:

- نعم، وأكثر. ولا أحدِّثك بحديثٍ عن الصحابة والتابعين إلا عرَّفتُكَ مولدَ أكثرهم، ووفاتَهم، ومساكنَهم. ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصلٌ أحفظه حفظًا عن كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

* ومن جواهر كلام الإمام البخاري هذه النصيحة التي نصح بها أبا العباس الوليد بن إبراهيم بن زيد الهمذاني، وهذه قصتها كما ساقها الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المِزِّيُّ (٦٥٤ - ٧٤٢) في تهذيب الكمال: عن أبي المظفر محمد بن أحمد بن حامد بن إبراهيم بن الفضل البخاري، قال: لما عزل أبو العباس الوليد بن إبراهيم بن زيد الهمذاني عن قضاء الري، ورد بخارى سنة ثماني عشرة وثلاث مائة لتجديد مودة كانت بينه وبين أبي الفضل محمد بن عبيد الله البلعمي، سماه أبو الحسن التميمي، فنزل في جوارنا، قال: فحملني معلمي أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الختلي إليه. وقال له: أسألك أن تحدث هذا الصبي بما سمعت من مشايخك رحمهم الله، فقال: مالي سماع، قال: فكيف وأنت فقيه، فما هذا؟ قال: لأني لما بلغت مبلغ الرجال تاقت نفسي إِلَى طلب الحديث، ومعرفة الرجال، ودراية الأخبار، وسماعها، فقصدت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ , ببخارى صاحب التاريخ والمنظور إليه في معرفة الحديث، فأعلمته مرادي وسألته الإقبال علي بذلك. فقال لي: يا بني، لا تدخل في أمر إِلا بعد معرفة حدوده والوقوف على مقاديره. قال: فقلت له.: عَرِّفني حدود مَا قصدت له ومقادير مَا سألتك عنه. قال:

"اعلم أن الرجل لا يصير محدثًا كاملًا في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعًا، مع أربع.،

<<  <   >  >>