للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا صبر على هذه المحن أكرمه الله في الدنيا بأربع: بعز القناعة، وبهيبة النفس، ولذة العلم، وحياة الأبد. وأثابه في الآخرة بأربع: بالشفاعة لمن أراد من إخوانه، وبظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، ويسَقي من أراد من حوض نبيه - صلى الله عليه وسلم -.، وبجوار النبيين في أعلى عليين في الجنة.

فقد أعلمتك يَا بني مجملًا جميع ما كنت سمعت من مشايخي متفرقًا في هذا الباب، فأقبلِ الآن على ما قصدتني له، أو دع".

قال: فهالني قوله وسكتُّ متفكرًا، وأطرقت نادمًا، فلما رأى ذلك مني قال: "فإن لا تطق احتمال هذه المشاق كلها فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلُّمه وأنت في بيتك قارٌّ ساكنٌ، لا تحتاج إلى بُعد الأسفار وطي الديار وركوب البحار، وهو مع ذا ثمرة الحديث.، وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة، ولا عزه بأقل من عز المحدث".

فلما سمعت ذلك نقض عزمي في طلب الحديث، وأقبلت على علم ما أمكنني من علمه بتوفيق الله ومَنِّه، فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي يا أبا إبراهيم.

فقال أبو إبراهيم: إن هذا الحديث الذي لا يوجد عند أحد غيرك خير من ألفٍ حديث يوجد مع غيرك.

<<  <   >  >>