للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الأمر هنا، فإن وصف المسنَد أعمُّ من وصف الصحيح، وبينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلق، فكل صحيحٍ مسنَدٌ، وليس كل مسندٍ صحيحًا، فالصحيح أخصُّ من المسند مطلقًا، والمسند لفظ عامٌّ يشمل الصحيح وغيره، فتقديمه على الصحيح واجب. ونحن ننزه من هو دون الإمام البخاري بمئات المراحل عن الوقوع في مثل ذلك، فكيف بالإمام البخاري وقد وصل في العلم إلى أعلى المراتب، وتمكن في العربية، ونظم الشعر، وحفظ مائة ألف حديث من الصحيح من كلام أفصح الفصحاء - صلى الله عليه وسلم -. فلا بد أن يكون وضع العنوان على هذا الشكل: الجامع المسند الصحيح، بتقديم العام على الخاص، لتكون كل كلمة في موضعها من العنوان مفيدة.

السبب الثاني: أن الجار والمجرور (من أمورِ) متعلقان بقوله (المختصر) لا بقوله (المسند)، ولو كان الجار والمجرور متعلقًا بقوله: (المسند) لوجب استعمال حرف الجر (إلى) أو (عن)، فالحديث إما أن يُسند إلى فلان، أو يُسند عنه، أما أن يُسند من أموره فهذا ما لا يصح في كلام الناس. ولا يُقال: إن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، أو في المسند تضمين، لأن ذلك بعيدٌ في العناوين، ويحتاج إلى تكلّفٍ وتمحُّلٍ يُخرج الكلام عن أسلوب العرب الفصحاء. فلا محيد عن تأخير كلمة (المختصر) لتجاور معمولها وهو الجار والمجرور فيكون الكلام هكذا متسقًا: (المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). ومما يؤيد ذلك أن أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسُننه وأيامه واسعة، وأن البخاري لم يقصد في هذا الكتاب إلى جمعها، وأنه قد انتخب الصحيح من ستمائة ألف حديث، وأنه قد ألف الجامع الكبير والمسند الكبير، وقد قصد في الصحيح إلى الاختصار مما قد حفظه وجمعه من تلك الأمور والسنن والأيام.

ولا حرج في اختصار العنوان عند تداول الكتاب على نحو: (الجامع الصحيح) أو

<<  <   >  >>