للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ثم اعلم أن لهؤلاء الأئمة مذهبًا في كيفية استنباط مخارج الحديث نشير إليه على سبيل الإيجاز. وذلك أن مذهب من يخرِّج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه، وفيمن روى عنهم وهم ثقات أيضًا، وحديثه عن بعضهم صحيح ثابت يلزمهم إخراجه، وعن بعضهم مدخول لا يصلح إخراجه إلا في الشواهد والمتابعات ..

وهذا باب فيه غموض، وطريقُهُ معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل.، ومراتبِ مداركِهم. ولنوضح ذلك بمثال: وهو أن تعلم مثلًا أن أصحاب الزهري على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزيةٌ على التي تليها وتفاوتٌ.

فمن كان الطبقة الأولى: فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري.

والطبقة الثانية: شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يزامله في السفر ويلازمه في الحضر. والطبقة الثانية لم [تلازم] الزهري إلا مدة يسيرة، فلم [تمارس] حديثه.، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرط مسلم.

والطبقة الثالثة: جماعة لزموا الزهري مثلَ أهل الطبقة الأولى، غير أنهم لم يَسلموا عن غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، وهم شرط أبي داود [والنسائي].

والطبقة الرابعة: قوم شاركوا أهل الطبقة الثالثة في الجرح والتعديل، وتفردوا بقلة ممارستهم لحديث الزهري، لأنهم لم يصاحبوا يحيى الزهري كثيرًا، وهم شرط أبي عيسى ...

والطبقة الخامسة: نفر من الضعفاء والمجهولين لا يجوز لمن يخرِّج الحديث على الأبواب أن يخرج حديثهم إلا على سبيل الاعتبار والاستشهاد عند أبي داود فمن دونه، فأما عند الشيخين فلا.

<<  <   >  >>