بكى ذاك الأنام أسى ووجدا ... وسرّ بذا الذي قام الأنام
مضي الماضي وكان لنا قواما ... وهذا بعد ذاك لنا قوام
إمامان استقرّ بذا قرار ... وحوّل ذاك فاخترم الحمام
على ذاك السلام غداة ولى ... ودام لذا السلامة والسلام
سهام الموت تقصد كل حىّ ... ومن ذا ليس تقصده السهام؟
أمير المؤمنين ثوى ضريحا ... بطوس فلا يحسّ ولا يرام
كأن لم تغن في الدنيا وتغدو ... إلى أبوابه العصب الكرام
ولم ينحر بمكة يوم نحر ... ولم يبهج به البلد الحرام
ولم يلق العدوّ بمقريات ... يهيم أمامها جيش لهام
أقول لساكن قبرا بطوس ... سقاك ولاسقى طوس الغمام
لأظلم كلّ ذى نور ولكن ... بوجه محمد كشف الظلام
ولولا ملكه إذ غبت عنا ... لما ساغ الشراب ولا الطعام
فقد حىّ الحلال به فدرت ... لنا التقوى ومات به الحرام
وقال يرثى محمد بن منصور [بن زياد] «١»
أنعي فتى الجود إلى الجود ... ما مثل من أنعي بموجود
أنعي فتى أصبح معروفه ... منتشرا في البيض والسود
أنعي ابن منصور الى مسلم ... لأسره في القد مصفود
[أنعي فتى مص الثرى بعده ... بقية الماء من العود
قد ثلم الدهر به ثلمة ... جانبها ليس بمسدود
أنعي فتى كان ومعروفه ... يملأ ما بين ذرى البيد]