سلم على أمير المؤمنين فسلمت فقال: ادن فدنوت، فأمرنى بالجلوس ثم طرح الي قرطاسا من ربع وقال: أخرج دواتك فكأنى بك قد قلت: أنا بالأمس فى ديوان بنى أمية ثم مع عبد الله بن على، وإنما كنت في ديوان المسلمين. وأما كونك مع عبد الله بن على فذاك عمى. ثم قال اكتب وقارب بين الخط وفرّج بين السطور، وأقبل يملي علىّ، فلما فرغت من الكتاب خزمته فقال: كل العنوان الى يا أبا يوسف قد صحت عندي براءتك بان لم تختف، وبادرت من سلطاننا الى عملك، ولو كان منك غير ذلك لدخلت خلفك جحرة النمل حتى أخرجك كم رزقك؟ قلت عشرة دراهم كل يوم قال قد زادك أمير المؤمنين خمسة قم راشدا وروى معاوية بن صالح القيسىّ قال: كان يوسف بن القاسم فى أيام أبى عبيد الله وزير المهدى كالمتقي لناحيته، وكان محمد بن زياد بن عبيد الله الحارثى له صديقا فتولى محمد بن زياد شيا، وحضر مجلس ابى عبيد الله، فبلغ يوسف بن القاسم أن ذاكرا ذكره هناك بحضرة محمد بن زياد، فلم يرد عليه وكتب إليه:
أبا أخى دون كلّ ذى ثقة ... يا باسق الفرع في ذرى يمن
مالي اذا حرّكتك نائبة ... يرمضنى مرّها وتمرضني
أو تنجلى عنك لا أرى غبنا ... ذاك ولا الثّقل منه يكربنى
وكنت أيضا خرقا تقابلني ... بمثل فعلي تجرى على سنن
حتى اذا نلت دولة صرفت ... وجهك صرف الحقود ذي الاحن
مستمعا فيّ قول ذي ابن ... يصلق بى عينه ويثلبنى
يطلق ما قال غير ممتعض ... كأن شتمى من واجب السنن
من غير حق أضعت واجبه ... من حسن قول ومنظر حسن
أحصرا منك أم عيبت به ... كيف، وأنت الخطيب ذو اللّسن