قال معاوية بن صالح: فلقينى من الغد القاسم منصرفا من عند الفضل بن يحيى فأعلمته ما كان بين أبيه، فقال: قد أمر لى الفضل لما بلغه خبر أبى وأحمد أخى بثلاثين ألف درهم، قلت: فما عزمت أن تعمل فيها؟ وأنا أقدّر أن يقول أشترى بها ضيعة فقال: أرفد بها أخى أحمد في عرسه، قلت: وان أخذها كلها قال:
وإن أخذها كلها، قال: فلا بأس.
وكتب يوسف بن القاسم عن الفضل بن يحيى في حاجة لرجل: فلان قد استغنى باصطناعك اياه عن تحريكي لك فأمره «١» ولأن الصنيعة حرمة المصطنع ووسيلته الى مصطنعه، سيما عند من يحسن الصنيعة ويستتمها، مستثبتا للشكر عليها والثناء الجميل بها، بسط الله بالخير يديك، ووصل به أسبابك، وأعانك عليه وجعلك من أهله.
وشكى الى يوسف بن القاسم: أن رجلا من العلماء تكلم بكلمة جبريّة. وأن الرشيد انكرها فحضر في محفة وقال: يا أمير المؤمنين ان للعلم طغيانا كطغيان المال والملك. ولولا أن صاحبه يردع بما فيه من مدح العلم والتواضع لكان أشد سطوة به من ذى الملك ثم قال:
انك إن تعثر بك الرجل تتقى ... وإن التى لا تتقى عثرة الفم
فقال له الرشيد: يا يوسف، أتحضر الدار على هذه الحال. فقال يا أمير المؤمنين هذا محل منك يحامي عليه، وأمر من مدبر أمرك يسارع اليه.
وقال يوما يوسف بن القاسم ليحيى بن خالد- فى شىء كان بينه وبين جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعى-: أعز الله الوزير ان الأريب يتجرع الغصة حتى ينال الفرصة، ويقرّ للصغار حتى يملك الانتصار. ووقع الى عامل: ان كنت منصفا من نفسك فلم تظلم لغيرك؟ وان ظلمت لغيرك فكيف تنتصف من نفسك؟!