للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصَادَفَ السَّيفُ مِنْها سَاقَ مُتْلِيَةٍ (١) ... جَلْسٍ فَصَادَفَ مِنه ساقُها عَطَبَا

زَيَّافَةٌ بِنْتُ زَيَّافٍ مُذَكَّرَةٌ ... لَمَّا نَعَوْهَا لِرَاعِي سَرْحِنَا انْتَحَبَا (٢)

ثمَّ وصفَتْه بعدُ بِقلَّةِ الاشتغالِ بها، والتَّعطيلِ لها، وأنَّه إذا نامَ التَفَّ في ثيابِهِ ولم يُضاجِعْها، ولا أدْنَاهَا مِنْ نفْسِهِ، وأنَّه لا هِمَّةَ له في المُباضَعَةِ، التي هي من ممادِحِ الرِّجالِ؛ فإنَّ العربَ كانتْ / تتمادَحُ بالقُوَّةِ على الجماعِ؛ لأنَّها دليلٌ صِحَّةِ الذُّكورِيَّةِ، وتَذِمُّ بضدِّه كما قالَتْ الأُخرى: «عَيَايَاء».

واختلفَ المُتأوِّلُون في معنى قولِها: «ولَا يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ»، فذهبَ أبُو عُبيدٍ (٣) إلى أنَّه كانَ بجسدِها (عَيْبٌ أو دَاءٌ) (٤) يُكْرِثُهَا ويُحْزِنُها؛ فكانَ لَا يُدخلُ يدَهُ في ثَوبِها لِيلمسَ ذلك العَيبَ، / فيَشُقَّ عليها، فإنَّ هذه خصلةٌ مدحتْهُ بِها، وَرَدَّ القُتبِيُّ، والخطَّابِيُّ، وابنُ حبيبٍ، وابنُ الأعرابِيِّ (٥) وغيرُهم عليه هذا القولَ، وقالُوا (٦) إنَّما شكتْ هذِه الخصلةَ من زوجِها، وذمَّتْه بذلك، واستقصرَتْ حظَّها منه، وأنَّه لا يُضاجِعُها، ولا يدنُو منها، وينامُ ناحِيةً عنها،


(١) في (ل): «مُثْلِية»، والمتلية: التي لها ولد يتلوها.
(٢) الجلس: الصلبة المشرفة، وقيل: هي الواسعة الأخذ من الأرض. ومعنى: صادف منه، أي من السيف. والمعنى أن السيف والساق تصادما، فأبان السيف الساق منها. والزيافة، هي التي تزيف في مشيتها وتتبختر. جعلها بنت زياف استكرامًا لعرقها وجوهرها. والمذكرة: التي تشبه الذكورة في خلقتها. ينظر: «شرح ديوان الحماسة» للمرزوقي (ص: ١٠٩٦).
(٣) «غريب الحديث» (٢/ ٢٩٣).
(٤) في (ك): «داء أو أداء».
(٥) ينظر: «تهذيب اللغة» (باب الثاء والباء) (١٥/ ٥١)، و «أمالي المرزوقي» (ص: ١٥٩ - ١٦٠).
(٦) في (ت): «وقال».

<<  <   >  >>