للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قالَتْ: «وإذا رَقَدَ الْتَفَّ»، ولا يُدنِيها / / مِن نفْسِهِ ويُدخِلُ يدَهُ إليها ويُباشِرُها ويَلْمَسُهَا؛ فيكونُ منه إليها ما يكونُ منَ الرِّجالِ لِأزواجِهِم، فيعلمُ بثَّها بذلك، ومحبَّتَها له، وحُزنَها لِعدمِ ذلك منه لها، وقِلَّةَ تفقُّدِهِ لحاجَتِهِ منها. قالَوا: وليسَ وجهُ الحديثِ ما ذهبَ إليه أبو عُبيدٍ منْ أنَّها مدحتْهُ بالغفلةِ عن داءٍ كان بجسدِها؛ لأنَّها قد ذمَّته في صدرِ كلامها.

قال [ابنُ] (١) الأنباريِّ (٢): ولا حجَّةَ على أبي عُبيدٍ في هذا؛ لأنَّ النِّسوةَ كُنَّ تعاقدنَ على ألَّا يكتُمْنَ شيئًا منْ أخبارِ أزواجِهنَّ، فمنهنَّ منْ وصفتْ زوجَها بالخيرِ / في جميعِ أمورِهِ، ومنهنَّ بضِدِّ ذلك، ومنهنَّ منْ وصفتْ ما فيه منَ الخيرِ وما فيه منَ الشَّرِّ (٣).

قَالَ الفَقِيهُ القَاضِي وَفَّقَهُ اللهُ:

ويُؤيِّدُ ما ذهبَ إليه القُتبِيُّ وأصحابُه من معنى الذَّمِّ: ما أشارَ إليه عُروةُ بن الزُّبيرِ في بعضِ طُرقِ هذا الحديثِ، فإنَّه قال في خمسٍ شرحَهُنَّ (٤) على التَّوالي


(١) ليس في (ت)، (ك)، (ل).
(٢) ينظر: «فتح الباري» (٩/ ٢٦٣)، و «إرشاد الساري» (٨/ ٨٤).
(٣) وقال المرزوقي: «والذي أقوله: إن ما أنكره على أبي عبيد من الجمع بين المدح والذم في الصفة على مقتضى ما فسره ليس بمنكر؛ لأن من يعدد خصال الموصوف قد يجمع بين ما يكون مدحًا وبين ما يكون ذمًّا، وهذا، كما حكي عن لقمان في وصفه أخاه: يهب البَكرة السَّنمة وليست فيه لعثمة، إلَّا أنه ابن أمة، وقد فسره القتيبي هذا في كتابه في حديث ولد عاد فقال: التلعثم التوقف عن الشيء حتَّى يفكر فيه، وأراد أنه ليس في خلاله شيء يتوقف عنه وعن مدحه به إلَّا أنه ابن أمة» اهـ. «أمالي المرزوقي» (ص: ١٦٠).
(٤) في المطبوع: «سردهن».

<<  <   >  >>