للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْخَلْط الزجاجي فِي بعض الأمعاء وَبَين الْحَصَاة الناشئة فِي مجاري الْبَوْل فِي وَقت نوبَة الوجع إِن لم تعرض الْأَسْبَاب الْمُتَقَدّمَة وَلَا يضرنا ذَلِك فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَن الْأَشْيَاء الَّتِي تَنْفَع فِي هذَيْن الوجعين وَاجِد وَهُوَ التكميد من خَارج وَمَا يقوم مقَامه من الْأَشْيَاء الَّتِي يحقن بهَا فَمَتَى لم يخف الوجع بذلك فَاسْتعْمل دَوَاء فيلن والحصاة تخرج بعد ذَلِك إِمَّا مَعَ دم ألف ب أَو بِلَا دم وَيكون إِذا كَانَت مَعَه خشنة وَيكون فِي الْبَوْل ثفل رمل راسب وَلَا يكون فِي القولنج ذَلِك. وَفِي القولنج يخرج ثفل رياحي كأخثاء الْبَقر يطفو فَوق المَاء ورياح كَثِيرَة جدا إِذا انْطَلَقت الطبيعة ومغس وشهوة الطَّعَام واستمراء يكون قبل نوبَة القولنج نَاقِصا ثمَّ يبطلان الْبَتَّةَ بِالْقربِ من نوبَة الْعلَّة وينتفخ الْبَطن ويعرض مَعَه قيء وتهوع ولذع فِيمَا دون الشراسيف وقلق وضجر وكرب وَإِذا كَانَ الوجع أقل قَلِيلا فَذَلِك إِمَّا لقلَّة الْمَادَّة الفاعلة للوجع أَو لِأَنَّهُ فِي الأمعاء الدقاق وَاعْلَم أَن الوجع الَّذِي مَعَه لذع فَإِنَّهُ يكون من خلط يَأْكُل وَدَلِيل أَنه يتَقَدَّم أبدا قُرُوح الأمعاء.

التَّمْيِيز بَينه وَبَين الْحَصَى السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: قَالَ: قد رَأَيْت وجع القولنج الشَّديد غير مرّة والأطباء ويتوهمون أَنه وجع الكلى وَقد ظن قوم أَنه لن يكون القولنج فِي الْجَانِب الْأَيْسَر وَأمر وجع القولنج ووجع الكلى فِي ابتدائهما يعسر تميزها وَحِينَئِذٍ مداواتهما فَوَاحِدَة وَهُوَ يسكن الوجع من كماد وآبرن وأدوية وَمَعَ ذَلِك فابحث عَن ذَلِك وَقد يعرض فِي العلتين غثيان وقيء وتهوع إِلَّا أَنه فِي القولنج أَكثر وَأعظم وأدوم ويقيئون أَكثر وَيكون الْقَيْء بلغمياً وتحتبس طبائعهم حَتَّى لَا يخرج ريح وَلَا غَيرهَا ويدور الوجع فِي أَجْوَافهم ويلتوي وينتقل مَرَّات كَثِيرَة وينبسط وَيَأْخُذ أمكنة كَثِيرَة وتنقبض وَرُبمَا كَانَ الوجع فِي مَوضِع دون مَوضِع أَشد فَأَما وجع الكلى فَلَا يزَال مرتكزا فِي مَوضِع وَاحِد وَإِذا كَانَ مَعَ الوجع فِي الْموضع الْأَعْلَى من مَوضِع الكلتين فَذَلِك دَلِيل بَين على أَنه وجع القولنج فَإِن كَانَ الوجع عِنْد مَوضِع الكليتين وَكَانَ مرتكزاً فِي مَوضِع وَاحِد وَلم يقدر على التَّمْيِيز الصَّحِيح فَانْظُر إِلَى الْبَوْل فَإِنَّهُ فِي ابْتِدَاء وجع الكلى فِي غَايَة الصفاء والمائية كَمَا أَنه فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد ذَلِك يرسب فِيهَا نزُول رملي والرجيع من أَصْحَاب القولنج يكون فِي أَكثر الْأَمر خلطاً زجاجياً وَيكون صَاحبه يستريح إِلَى الحقن المرخية أَكثر من أَصْحَاب وجع الكلى وَقد يخرج فِي علل القولنج هَذَا الْخَلْط الزجاجي فيستريح صَاحب ذَلِك من الوجع من سَاعَة قَالَ: وَلِأَن المعي الْمُسَمّى قولن يَمْتَد إِلَى أَسْفَل حَتَّى أَنه رُبمَا بلغ الحالب وَبلغ إِلَى أَعْلَاهُ حَتَّى أَنه يلتزق بالكبد وَالطحَال فَلذَلِك أرى قَول من قَالَ: إِن كل وجع يكون فِي الْبَطن شَدِيدا حَيْثُ اتّفق فِي الْبَطن فَهُوَ وجع القولنج فَهُوَ حق.

قَالَ: وَلَا يُمكن أَن يحدث أَمْثَال هَذِه الأوجاع الشَّدِيدَة فِي الأمعاء الدقاق لِأَن هَذِه الأوجاع إِنَّمَا تولدها عَن ريح غَلِيظَة وَالرِّيح الغليظة تستفرغ من جسم الأمعاء الدقاق سَرِيعا لدقتها ونحافتها وَلَا تستفرغ من الأمعاء الْغِلَاظ لكثافتها ألف ب والأخلاط الْبَارِدَة تتولد من الأمعاء الْغِلَاظ أَكثر وَأَشد لزوجة مِنْهَا فِي الدقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>