كَانَت أَعْضَاء عصبية حدث تشنج وَإِن كَانَ فِي مقدم الْبَطن فكثيراً مَا يصير إِلَى الصَّدْر وَيحدث التقيح وَإِن صَارَت إِلَى الأمعاء حدثت قُرُوح الأمعاء. إِذا حدثت جراحات عَظِيمَة وَلم يظْهر مَعهَا ورم فالبلية الَّتِي تكون فِي رُؤُوس العضل وَفِي منتهاه وخاصة ألف د فِي العضل الْكثير العصب عَظِيمَة فَإِذا لم يحدث مَعَ هَذِه الْجِرَاحَات ورم أَو غلط الْأَطِبَّاء فمنعوه بالأدوية الْمَانِعَة وَرُبمَا رَجَعَ ذَلِك العضل إِلَى عُضْو شرِيف فأحدث بلايا وَهَذِه الْجِرَاحَات تحْتَاج أَن تعالج بالأدوية المسخنة المجففة والأورام الرخوة فِي هَذِه محمودة والصلبة ذميمة لِأَن الصلبة تدل على أَن خلطه فج عسر النضج.
إِذا رَأَيْت القرحة ينتثر الشّعْر من حواليها ويتقشر من الْجلد قشور فَاعْلَم أَنه يجْرِي إِلَى الْعُضْو أخلاط رَدِيئَة تحدث فِي تِلْكَ القرحة تأكلاً وتمنعها من الإندمال وَذَلِكَ أَنَّهَا تَأْكُل أصُول الشّعْر وَلَا تدع القرحة تندمل.
القروح الْعَارِضَة فِي أبدان المستسقين عسرة الْبُرْء. قَالَ جالينوس: لَا تَبرأ حَتَّى تَجف جفوفاً محكماً وَلَيْسَ يسهل فِي المستسقين ذَلِك لفرط رطوباتهم.
الْخرق إِذا حدث فِي المثانة أَو الدِّمَاغ أَو الْقلب أَو الكلى أَو بعض الأمعاء الدقاق أَو فِي الْمعدة أَو فِي الكبد فَإِنَّهُ قتال. قَالَ جالينوس: قد يُمكن أَن يسلم من هَذِه فِي الْأَقَل وَأما فِي الْقلب فَإِنَّهُ قَاتل لَا محَالة.
قَالَ: وَإِذا انْقَطع بدن المثانة أَيْضا كلهَا إِلَى أَن وصل الْقطع فِي الفضاء الَّذِي فِي جوفها فقد اتّفق النَّاس أَنه لَا يُمكن أَن يلتحم وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْأَعْضَاء العصبية والأمعاء الدقاق فَأَما الْمعدة فقد اخْتلف النَّاس فِيهَا هَل تَبرأ إِذا حدث فِيهَا جِرَاحَة غائرة وَقَالَ بعض النَّاس: أَنَّهَا تَبرأ وَيبرأ)
الكبد وَلَو أَنه قطعت مِنْهَا إِحْدَى زوائدها وَالسَّبَب فِي أَنه لَا يلتحم الْقطع فِي الْقلب وَفِي الْحجاب دوَام الْحَرَكَة وَفِي المثانة رقتها وعصبيتها وَعدمهَا للدم وَلذَلِك تَبرأ رقبَتهَا كثيرا من الْقطع الَّذِي يحدث فِيهِ لاستخراج الْحَصَى لِأَن رَقَبَة المثانة لحمية. وَأما الكبد فَيحدث من ألف د جراحتها الْمَوْت لِأَن الدَّم يكثر مِنْهُ فرجه جدا فَلذَلِك يَمُوت صَاحبهَا قبل أَن تلتحم إِذا كَانَت الْجراحَة قطعت فِيهَا عرقاً وَلذَلِك تخْتَلف بِتَصْدِيق الَّذين يَقُولُونَ: إِن بعض جراحاته تَبرأ وَذَلِكَ إِذا لم يقطع عرقاً وَإِن قطعت زَائِدَة مِنْهَا فَإِنَّهُ يبرأ صَاحبهَا مرَارًا كَثِيرَة وَأما الْجِرَاحَات الَّتِي تقع بالدماغ فقد برأَ صَاحبهَا فِي الندرة وخاصة إِن كَانَت صَغِيرَة فَإِن كَانَت عَظِيمَة جَاءَهُ الْمَوْت الْيَقِين. فَأَما الْجِرَاحَات الَّتِي تنفذ إِلَى بعض بطُون الدِّمَاغ فقد اتّفق جَمِيع النَّاس على أَنَّهَا تجلب الْمَوْت فَأَما الأمعاء الدقاق وَأكْثر مِنْهَا فِي ذَلِك طبيعة الْمعدة فَإِن فِيهَا منم الْجَوْهَر اللحمي مِقْدَارًا لَيْسَ باليسير وَلذَلِك إِذا حدث فِيهَا الْجراحَة فَلم تكن غائرة جدا فكثيراً مَا تلتحم فَأَما مَتى انخرق حَتَّى ينفذ الْخرق إِلَى فضائها فَلَا يكَاد صَاحبه يبرأ إِلَّا فِي الندرة. وَالسَّبَب الْأَعْظَم فِي امْتنَاع برْء هَذِه فِيمَا احسب لَيْسَ طبيعة الْعُضْو بل إِنَّه لَا يتهيأ أَن يلْزم الْأَدْوِيَة كَسَائِر الْأَعْضَاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute