الْمَرَّتَيْنِ فَمَتَى وجدت الْحَرَارَة ضَعِيفَة أول ماتلمس ثمَّ أحسستها يتزيد قَلِيلا قَلِيلا تلذيعها وفيهَا مَعَ ذَلِك اخْتِلَاف حر حَتَّى يخيل إِلَيْك كَأَنَّهَا تنفذ من مصفى أَو من منخل فَأن تِلْكَ الْحَرَارَة من بلغم قد عفن.
قَالَ: وَذَلِكَ أَن هَذَا الْخَلْط كاللعاب الغليظ إِذا طبخته فانه يصير عَلَيْهِ كالنفاخات لَا تنفجر حَتَّى تَنْشَق فَيكون البخار غير مستو كَمَا يكون فِي المَاء إِذا طبخ لَكِن يكون فِي بعض الْمَوَاضِع بخار وَفِي بعضه لَا.
من جَوَامِع الحميات إِذا احتقن البخار فِي الْبدن وَكَانَ الْبدن جيد الأخلاط حدث أمتلاء وَإِذا عفن حدثت حمى مطبقة. وَإِن كَانَ مَا يتَحَلَّل من جنس الدُّخان اللَّطِيف بِمَنْزِلَة مَا يتَحَلَّل من الْأَبدَان المرارية أحدث حمى غب وَأَن كَانَ مَا يتَحَلَّل كالدخان الغليظ بِمَنْزِلَة مايتحلل من الْأَبدَان البلغمية العفنة أحدث حمى بلغمية وَإِن كَانَ غبارياً أَو رمادياً بِمَنْزِلَة مايتحلل من الْأَبدَان السوداوية العفنة أحدث الرّبع.
لكل حمى دَائِرَة حمى وَاحِدَة من جِنْسهَا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا عفن ذَلِك الْخَلْط دَاخل الْعُرُوق.
الحميات المطبقة مِنْهَا متزيدة وَهِي الَّتِي لَا تزَال تزيد إِلَى أَن تَنْقَضِي ببحران جيد أَو رَدِيء وَمِنْهَا منتقصة وَمِنْهَا الدائمة بِحَالِهَا.
جَمِيع الحميات المفردة الْحَادِثَة عَن عفونة الأخلاط سبع: اثْنَتَانِ من الصَّفْرَاء أحداهما دائمة وَالثَّانيَِة نائبة وَكَذَا من كل خلط اثْنَتَانِ وَمن الدَّم وَاحِدَة إِذا عفن.
من الْجَامِع غير الْمفصل: يسْتَدلّ على طول الحميات بطول النوائب والتزيد فحمى البلغم لما كَانَت نوبَة وَاحِدَة طَوِيلَة الْوَقْت جدا عسرة الأنتهاء والتزيد فَكَذَلِك جُمْلَتهَا وَكَذَلِكَ فاحكم على الصَّفْرَاء من نوبَة وَاحِدَة. وَذَلِكَ أَن انتهاءها وتزيدها الْكُلِّي بِحَسب الجزئي وعَلى هَذَا فقس فِي الرّبع. وَأما الحميات الدائمة فَأَنَّهَا تَنْقَضِي فِي أُسْبُوع وخاصة مَا كَانَ الدَّم فِيهَا أميل إِلَى الصَّفْرَاء والمحرقة تَنْقَضِي أسْرع.
وَيفرق بَين الحميات من أَوْقَات ابتدائها وَكَيْفِيَّة حَرَارَتهَا وَالْوَقْت الْخَاص والمزاج وَالتَّدْبِير والنبض فأنك إِذا تفقدت ذَلِك كُله بِأَحْكَام بِمَا يخص كل وَاحِد علمت نوع الْحمى فِي أول نوبَة من لون الْبدن وَذَلِكَ أَن لَونه يكون بِحَسب غَلَبَة الْخَلْط وَطعم فَم العليل أَيْضا يعرف مِنْهُ غَلَبَة الْخَلْط.
والنبض فِي ابْتِدَاء جَمِيع الحميات يصغر إِلَّا أَنه فِي الرّبع يفرط فِي ذَلِك حَتَّى يخيل أَن الْعرق مربوط برباط يجذبه إِلَى دَاخل حَتَّى يمنعهُ من الأرتفاع وَفِي الغب لَا يفرط بل يتباعد كثيرا عَن الْحَال الطبيعية فِي الْعظم والسرعة وَأما فِي ابْتِدَاء الرّبع فيشتبه نبض الشَّبَاب بنبض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute