للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العفن كَانَت بَيِّنَة فِيهِ ففصدته وأخرجت دَمه إِلَى أَن غشي عَلَيْهِ ثمَّ انتظرت بِهِ وقتاُ صَالحا وغذوته فِي أول الْأَمر بِمَاء الْعَسَل ثمَّ بِمَاء الشّعير وَلما رَأَيْت الْحمى بعد الفصد ثَابِتَة على حَال حدست أَنَّهَا سونوخس عفونية إِلَّا أَنِّي أردْت أَن أحقق مَعْرفَتهَا هَل تنوب غبا فِي الْيَوْم الثَّالِث وَكَانَ الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن تنوب فِيهِ السَّاعَة السَّابِعَة فَلم تزد لَكِن كَانَت منتقصة فِي الْيَوْم الثَّالِث بكرَة وَكَانَت فِي نصف هَذَا الْيَوْم أبين تنقصاً فَعلمت أَنه سونوخس منتقصة فغذوته فِي هَذَا الْوَقْت فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْخَامِس ظهر نقصانها جدا وبحسب نُقْصَان الْحمى كَانَ نضج الْبَوْل فحكمت أَنَّهَا تَنْقَضِي فِي السَّابِع فَكَانَ كَذَلِك.

قَالَ: وَقد رَأَيْت هَذِه الْحمى تتناقص مُنْذُ أَولهَا إِلَى آخرهَا مَرَّات ورأيتها تتزايد وَبَعضهَا بَاقِيَة بِحَال وَاحِدَة وَرَأَيْت بَعْضهَا تظهر مَعهَا عَلَامَات العفوية أول يَوْم وَبَعضهَا فِي الثَّالِث وَأكْثر ذَلِك فِي الرَّابِع إِذا لم يفصد الْمَرِيض عرق.

قَالَ: وَلَيْسَ أحد يحم من قبل سدة بِلَا عفوية فيتقدم فِي الفصد فتنقلب حماه إِلَى العفوية أصلا وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يخرج الدَّم إِلَى حُدُوث الغشي أَن ساعدت السن وَالْقُوَّة فَإِن لم تساعد إِحْدَاهمَا فَأخْرج أَولا مِقْدَار مَا تحمله واستدرك مَا ترَاهُ يحْتَاج إِلَى إِخْرَاجه فَإِنَّهُ مَتى لم يفصد من تصيبه هَذِه الْحمى وَقع فِي غَايَة الْبلَاء وأشرف على الْخطر إِلَّا أَن يطْمع بِفضل من قوته فيتخلص برعاف قوي أَو عرق كثير.

قَالَ: فِي هَذِه الحميات إِذا حدثت خلوا من عفونة فَهِيَ على مثل مَا قُلْنَا من جنس حمى يَوْم وَمَتى كَانَت مَعهَا عفونة مُنْذُ أول أمرهَا أَو فِي آخِره فَإِنَّهُ إِن كَانَت العفونة حدثت فِي الْعُرُوق كلهَا وخاصة فِي كِبَارهَا حدثت عَنْهَا حمى مطبقة فَإِن كَانَت العفوية إِنَّمَا هِيَ فِي عُضْو وَاحِد حدثت بنوب وأدوار.

لى: انْظُر فِي هَذَا فَإِن هَذَا يدل على أَن الحميات الَّتِي من عفن أورام الأحشاء غير دائمة. وَقَالَ فِي كتاب البحران قولا كَأَنَّهُ يُنَاقض هَذَا بل اعْتمد على هَذَا القَوْل فَإِنَّهُ لَا تكون حمى مطبقة من ورم عُضْو مَا لَكِن إِذا كَانَت جَمِيع الأخلاط الَّتِي فِي الْعُرُوق قد سخنت بِالسَّوِيَّةِ وَلم يقل فِي كتاب البحران: إِنَّه يكون من ورم الأحشاء حمى مطبقة بل قَالَ: أَنه يكون من أورامها حميات محرقة هَذَا القَوْل يذهب على شدَّة حَرَارَتهَا لَا على دوامها.)

قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن لَا تقتصر على ذكر النافع جدا مرّة أَو مرَّتَيْنِ.

أَقُول: إِن من حم من سدد فَأخْرج مِنْهُ بِقدر مَا تحْتَمل قوته لِأَن الْحَرَارَة قد كثرت واحتقنت فِيهِ. فَإِن لم تفعل فَإِنَّهَا ستختنق طَبِيعَته وَتصير إِلَى الغشي لَا محَالة إِلَّا أَن اتّفق لَهُ فضل قُوَّة فينجو من الْمَوْت بعرق أَو رُعَاف.

قَالَ: وَصَاحب هَذِه الْحَال تظهر فِيهِ عَلَامَات الامتلاء بِحَسب التجويف فيحمر لَونه وينتفخ بدنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>