قَالَ: وَلَيْسَ أحد يحم من قبل سدة بِلَا عفوية فيتقدم فِي الفصد فتنقلب حماه إِلَى العفوية أصلا وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يخرج الدَّم إِلَى حُدُوث الغشي أَن ساعدت السن وَالْقُوَّة فَإِن لم تساعد إِحْدَاهمَا فَأخْرج أَولا مِقْدَار مَا تحمله واستدرك مَا ترَاهُ يحْتَاج إِلَى إِخْرَاجه فَإِنَّهُ مَتى لم يفصد من تصيبه هَذِه الْحمى وَقع فِي غَايَة الْبلَاء وأشرف على الْخطر إِلَّا أَن يطْمع بِفضل من قوته فيتخلص برعاف قوي أَو عرق كثير.
قَالَ: فِي هَذِه الحميات إِذا حدثت خلوا من عفونة فَهِيَ على مثل مَا قُلْنَا من جنس حمى يَوْم وَمَتى كَانَت مَعهَا عفونة مُنْذُ أول أمرهَا أَو فِي آخِره فَإِنَّهُ إِن كَانَت العفونة حدثت فِي الْعُرُوق كلهَا وخاصة فِي كِبَارهَا حدثت عَنْهَا حمى مطبقة فَإِن كَانَت العفوية إِنَّمَا هِيَ فِي عُضْو وَاحِد حدثت بنوب وأدوار.
لى: انْظُر فِي هَذَا فَإِن هَذَا يدل على أَن الحميات الَّتِي من عفن أورام الأحشاء غير دائمة. وَقَالَ فِي كتاب البحران قولا كَأَنَّهُ يُنَاقض هَذَا بل اعْتمد على هَذَا القَوْل فَإِنَّهُ لَا تكون حمى مطبقة من ورم عُضْو مَا لَكِن إِذا كَانَت جَمِيع الأخلاط الَّتِي فِي الْعُرُوق قد سخنت بِالسَّوِيَّةِ وَلم يقل فِي كتاب البحران: إِنَّه يكون من ورم الأحشاء حمى مطبقة بل قَالَ: أَنه يكون من أورامها حميات محرقة هَذَا القَوْل يذهب على شدَّة حَرَارَتهَا لَا على دوامها.)
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن لَا تقتصر على ذكر النافع جدا مرّة أَو مرَّتَيْنِ.
أَقُول: إِن من حم من سدد فَأخْرج مِنْهُ بِقدر مَا تحْتَمل قوته لِأَن الْحَرَارَة قد كثرت واحتقنت فِيهِ. فَإِن لم تفعل فَإِنَّهَا ستختنق طَبِيعَته وَتصير إِلَى الغشي لَا محَالة إِلَّا أَن اتّفق لَهُ فضل قُوَّة فينجو من الْمَوْت بعرق أَو رُعَاف.