للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المزاج فِي جَمِيع الْعُرُوق الَّتِي فِيمَا الحالبين والإبطين انتشاراً سَوَاء سَرِيعا وكل شَيْء يعفن يحْتَاج أَن يكون حاراً رطبا وَأَن يَنْقَطِع عَنهُ التَّحَلُّل فَيبقى لَا يتنفس وَلذَلِك لَا تحدث المطبقة فِي الْأَسْنَان والأمزجة الْبَارِدَة طبيعياً كَانَ ذَلِك المزاج أَو مكتسباً وَكَذَا لَا تحدث هَذِه الحميات فِي الْأَبدَان القضيفة وَلَا فِي الْأَبدَان المتخلخلة)

لَكِن أَكثر مَا تحدث فِي الْأَبدَان الْكَثِيرَة الدَّم المتكاثفة أَو فِي الَّتِي هِيَ مَمْلُوءَة فضولاً حارة وَهِي متكاثفة.

قَالَ: وَكَذَا نبض من تصيبه هَذِه الْحمى الَّتِي هِيَ من جنس حمى يَوْم مستو عَظِيم جدا قوي لَا صلب وَلَا لين بل على الْحَال الطبيعية وَتَكون سرعته وتواتره بِقِيَاس عظم الْحمى فِي أحد الجنسين.

وَقَالَ: قد حم فَتى حمى مطبقة بِلَا عفن وَآخر حمى مطبقة مَعَ عفن فَأَما الَّذِي بِلَا عفن فَإِنَّهُ ابتدأت بِهِ السَّاعَة الثَّالِثَة من ذَلِك ورأيته فِي السَّاعَة الثَّالِثَة من النَّهَار فَوَجَدته محموماً حمى حارة غَايَة الْحَرَارَة إِلَّا أَن نبضه كَانَ مستوياً مسرعاً عَظِيما جدا متواتراً قَوِيا وَكَيْفِيَّة حرارة حماه كَذَلِك لَا تلذع الْبدن وَلَا تَأْكُله وَلَا تؤذيه بل كَانَت بخارية على أَنَّهَا كَانَت كَثِيرَة قَوِيَّة وَكَانَ بَوْله قَرِيبا من الْبَوْل الطبيعي وَعرفت أَنه كَانَ قطع الرياضة ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ ارتاض قبل يَوْم الْحمى بِيَوْم رياضة قَوِيَّة وَلم يستمرئ طَعَامه جيدا وحم وَكَانَ أَحْمَر اللَّوْن وَالْبدن كثير اللَّحْم وَكَانَ يَحْكِي عَن نَفسه أَنه يجد مس الامتلاء فأخرت فصده فِي وقتي ذَلِك لأنظر إِلَيْهِ بالْعَشي هَل تفارق الْحمى فَلَمَّا كَانَ بالْعَشي كَانَت بِحَالِهَا فحدست أَنَّهَا سونوخس حدثت من أجل عدم التَّحَلُّل لِكَثْرَة اللَّحْم وَكَثْرَة الدَّم وَمَكَثت الْحمى لَيْلَتهَا كَذَلِك وَلم تفصل من الْغَد من تواني الْأَطِبَّاء فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة الْيَوْم الثَّالِث والحمى بِحَالِهَا اشْتَدَّ قلقه فَبعث إِلَيّ فَوجدت الْحمى بِحَالِهَا والنبض كَمَا ذكرت وَلم أجد فِي النبض وَلَا فِي الْبَوْل وَلَا فِي كَيْفيَّة الْحَرَارَة شَيْئا يدل على عفن ففصدته وأخرجت الدَّم إِلَى أَن غشي عَلَيْهِ لِأَنِّي علمت قِيَاسا وتجربة أَن هَذَا أبلغ الْأَشْيَاء المطبقة مَتى كَانَت الْقُوَّة تحْتَمل وَأول منفعَته أَن الْبدن يَنْقَلِب إِلَى ضد المزاج الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ لغَلَبَة الْبرد عَلَيْهِ فِي وَقت الغشي وَلَيْسَ يقدر على شَيْء أبلغ نفعا من هَذَا فِي هَذِه الْمَوَاضِع ثمَّ لَا بُد أَن يتبع هَذَا الغشي فِي هَذِه الْأَبدَان لطلاق الطبيعة أَو قيء الصَّفْرَاء أَو تظهر بعد ذَلِك فِي الْبدن كُله ندواة وعرق على الْمَكَان وتطفأ الْحمى وتخمد وَكَذَا كَانَت فِي الْفَتى ثمَّ إِنِّي غذوته بعد الفصد بساعتين غذَاء يَسِيرا وألزمته السّكُون وعدت فِي السَّاعَة الْخَامِسَة من النَّهَار وَكَانَ يعرق فِي النّوم وَيمْسَح عرقه وَلَا يشْعر فَأمرت أَن لَا يتوانى فِي مسح عرقه وعدت بالْعَشي فَكَانَ على مِثَال ذَلِك فأنبهته وغذوته بِمَاء الشّعير وأدخلته الْحمام من غَد هَذَا الْيَوْم وغذوته.

قَالَ: والفتى الآخر تَعب نَهَاره كُله ثمَّ صب عَلَيْهِ مَاء وَتَنَاول شَيْئا يَسِيرا من طَعَام وحم بِاللَّيْلِ)

ورأيته فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَكَانَ فِي سَائِر حالاته كالمتقدم إِلَّا أَن العلامات الدَّالَّة على

<<  <  ج: ص:  >  >>