للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَرَض على غَايَة السَّلامَة فَأَما الْغَلَط الْكَائِن من الْغذَاء فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ أسهل خطراً. يحققه الْإِمْسَاك عَن الْغذَاء فَأَما هَهُنَا فَلَا يُمكن قَالَ: فَمن أعظم الْأَشْيَاء نفعا أَن لَا يمْنَع العليل مَاء الشّعير أَو بعض الأحساء فِي الْأَيَّام الأول من)

مَرضه وَأَنت مزمع بعد أَيَّام أَن لَا تعطيه مِنْهَا وَبِالْجُمْلَةِ انْظُر مِقْدَار الْقُوَّة فِي مَرضه وَاجعَل التَّدْبِير عِنْد الْمُنْتَهى.

قَالَ ابقراط: وَالَّذين يدبرهم الْأَطِبَّاء بِالْمَنْعِ من الْغذَاء فِي الْأَيَّام الأول وإعطائهم بعد فكثيراُ مَا يَجدونَ ينزل من الرَّأْس وَمن نواحي الصَّدْر أخلاط نِيَّة مرارية ويعرض لَهُم سهر يمْنَع الْمَرَض النضج ويشتد قلقهم ويتبرمون وتختلط عُقُولهمْ ويعرض لَهُم أَن يرَوا كاللمعان ويمتلئ السّمع أصواتاً وتبرد أَطْرَافهم وَتَكون أبوالهم غير نضيجة وبزاقهم رَقِيقا مالحاً يَسِيرا منصبغاً بلون خَالص ويعرض لَهُم عصر فِيمَا يَلِي الرَّقَبَة واضطراب وينجذب نفسهم إِلَى فَوق ويعظم وتلطأ أصداغهم وَرُبمَا حدث صغر نفس وَكَانَ أردأ ويطرحون ثِيَابهمْ عَن صُدُورهمْ ويرتعش أبدانهم وتختلج مِنْهُم الشّفة السُّفْلى فَكل هَذِه الْأَعْرَاض تعرض لمن دبره الْأَطِبَّاء تدبيراً ردياً مِمَّن يحمونه فِي الْأَيَّام الأول ثمَّ ينقلونه إِلَى تنَاول أَطْعِمَة بَغْتَة فِي الْيَوْم الثَّالِث أَو الرَّابِع أَو الْخَامِس أَو السَّادِس أَو قبل أَن يَنْتَهِي مَرضه.

قَالَ: فَيعرض من الِامْتِنَاع من الْغذَاء أَن تنصب إِلَى نواحي الصَّدْر أخلاط مرارية ويعرض سهر والسهر يمْنَع من النضج وَأما الخور فَيعرض من الْمَنْع من الْغذَاء أَو من تنَاول الْغذَاء بعد ذَلِك بِكَثْرَة لثقل الْمعدة بِهِ وَتعرض لَهُم مرَارَة الْفَم واختلاط الْعقل من الصَّفْرَاء واللمع لارْتِفَاع البخارات وَأما برد الْأَطْرَاف فَإِنَّهُ يعرض مَتى أصَاب الْمعدة كرب بِسَبَب انصباب المرار إِلَيْهَا بِسَبَب جوع طَوِيل.

قَالَ: والأطباء الَّذين يجوعون الْمَرِيض فِي الْأَيَّام الأول ثمَّ ينقلونه بعد ذَلِك بَغْتَة إِلَى الأغذية فِي وَقت يَنْبَغِي أَن يلطف تَدْبيره فَيمْنَع النضج لِأَن الْبَوْل فِي الْوَقْت الَّذِي يخف فِيهِ الْبدن إِذا لم يسق فِيهِ مَاء الشّعير أَو مَاء الْعَسَل أَو سكنجبينا يغلب عَلَيْهِ المرار كَأَنَّهُ لَا يمازجه شَيْء آخر وَلَا ينقي وَأما فِي الْوَقْت الَّذِي ينْقل فِيهِ الْمَرِيض فنقلته إِلَى اسْتِعْمَال الأغذية فَلِأَن الْمعدة تثقل فَتَصِير أَيْضا الْقُوَّة الحيوانية مُشَاركَة لفم الْمعدة فِيمَا يحل بهَا لهَذَا السَّبَب يصير البزاق رَقِيقا مالحاً يَسِيرا منصبغاً ويعرض لَهُم الْعرق نَحْو الصَّدْر ويصيبهم اضْطِرَاب وَسُوء نفس لِأَن الْمَرَض يلبث غير نضيج بِسَبَب الْأَمريْنِ جَمِيعًا: الْجُوع الطَّوِيل وَتَنَاول الأغذية فِي غير وقته وَيتبع عدم النضج الْعرق والبزاق الْمَوْصُوف هَذَا فِي ذَات الْجنب فَأَما سوء التنفس فَيعرض عِنْد تنَاول الْأَطْعِمَة والغذاء فِي غير وقته ويطرح عَنْهُم الثِّيَاب للكرب وَتعرض الرعشة لضعف الْقُوَّة واختلاج الشّفة السُّفْلى)

لشدَّة ألم فَم الْمعدة وَمَتى ظَهرت هَذِه العلامات قبل ظُهُور النضج فَإِنَّهَا تدل على اخْتِلَاط عقل شَدِيد وعَلى موت فِي اكثر الْأَمر وَمَتى ظَهرت بعد ذَلِك دَلَائِل النضج فَإِنَّهَا تدل على البحران.

<<  <  ج: ص:  >  >>