للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَكَذَا أَمر كل مَدِينَة مَوْضُوعَة فِي سمت الرِّيَاح الْيَسِيرَة الْحَرَارَة.

قَالَ: وَنسَاء هَذِه الْمَدِينَة يعلقن كثيرا مشقة لاعتدال حالهن.

الرَّابِعَة: كل مَدِينَة مَوْضُوعَة سمت الْمغرب الشتوي فَهِيَ مستترة من الرِّيَاح الشرقية وتهب عَلَيْهَا الرِّيَاح الحارة الْوَارِدَة من نَاحيَة الفرقدين من نَاحيَة الاسْتوَاء.

قَالَ: فَتكون هَذِه الْمَدِينَة كَثِيرَة الْأَمْرَاض لَا محَالة وَهِي شَرّ المدن لاخْتِلَاف هوائها وتشبه الخريف.

لى: تفقد أبدا كل مَدِينَة مستورة عَن أَي الرِّيَاح ومكشوفة بهَا.

قَالَ: مياه هَذِه الْمَدِينَة غير صَافِيَة لِأَن أشجارها تطول جدا فيخالط الْهَوَاء الغليظ المَاء فيكدره ويفسده وَلَا تشرق الشَّمْس فِي هَذِه الْمَدِينَة فِي أول طُلُوعهَا حَتَّى ترْتَفع وَتَعْلُو فيمكث هواؤها زَمَانا طَويلا كدراً وتهب فِيهَا فِي أَيَّام الصَّيف عِنْد الأسحار ريَاح بَارِدَة وتبرد صدر نهارهم فَإِذا كَانَ آخر نهارهم أسخنت الشَّمْس أَهلهَا اسخاناً شَدِيدا لِأَنَّهَا يطول زمَان طُلُوعهَا عَلَيْهِم حَتَّى تغرب وَيكون رِجَالهمْ صفراً ويمرضون ضروب الْأَمْرَاض وَلَا يسلمُونَ مِنْهَا وأصواتهم ثَقيلَة إِلَى البحوحة من أجل غلظ الْهَوَاء ورطوبته وكدرته لِأَن الرُّطُوبَة تبح الصَّوْت ونهارهم مُخْتَلف رَدِيء وخاصة فِي زمَان الخريف بِكَثْرَة اخْتِلَاف تغير الْهَوَاء مَا بَين السحر إِلَى نصف النَّهَار.

الثَّانِيَة من الأهوية والبلدان قَالَ: إِذا غلب على مزاج الْبدن الْحَرَارَة والرطوبة عرض عفن كثير وَلَا سِيمَا إِذا لم تهب ريح تحسن لَكِن يكون الْهَوَاء حِينَئِذٍ جنوبياً سَاكِنا وعلامته الغلظ والكدرة مَعَ الْحَرَارَة.)

إِذا كَانَت الْمِيَاه فِي الخريف يسيرَة وَفِي الشتَاء كَثِيرَة فَلَا يكون الصحو كثيرا وَلَا الْبرد فَوق الْمِقْدَار فِي الشتَاء وَكَانَت فِي الرّبيع الْمِيَاه معتدلة وَفِي الصَّيف أَيْضا كَانَت السّنة صَحِيحَة سليمَة جدا اضطراراً.

قَالَ: إِذا كَانَ الشتَاء يَابسا شمالياً وَالربيع كثير الأمطار جنوبياً عرض فِي الصَّيف الْحمى والرمد وَاخْتِلَاف الْأَعْرَاض اضطراراً لِأَنَّهُ إِذا دخل الْحر بَغْتَة وَالْأَرْض ندية من كَثْرَة أمطار الرّبيع والهواء جنوبي قد امْتَلَأت الرؤوس وَيكون الْبَطن لينًا ويهيج العفن والحميات بِمن كَانَ مرطوباً.

فَأَما النِّسَاء وَمن هُوَ فِي مزاجه رطب فَيعرض اخْتِلَاف الْأَعْرَاض.

قَالَ: الضّر فِي هَذَا الْحَال يَقع على أَصْحَاب الطبائع البلغمية لِأَن أَصْحَابهَا لَا يصبرون على هَذِه الْأَزْمَان الردية الرّطبَة الحارة فَأَما الَّذين مزاجهم يَابِس فَلَا يدْخل عَلَيْهِم من هَذِه الأمزجة ضَرَر لكِنهمْ يَنْتَفِعُونَ بهَا لأَنهم يرطبون ويرجعون إِلَى الْحَرَارَة والرطوبة الطبيعية وَأَصْحَاب الأمزجة الرّطبَة جدا يعرض لَهُم فِي الْأَزْمِنَة الحارة الرّطبَة اخْتِلَاف الْأَعْرَاض أَكثر مِمَّا يعرض لجَمِيع النَّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>