للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(الرّبع وَالْخمس) (وَالسُّدُس والسبع والحميات الْمُخْتَلفَة اسْتَعِنْ بَابا النافض) الثَّانِيَة من بالبحران: قد بيّنت فِي كتاب غير هَذَا أَن الرّبع يكون إِذا كثرت السَّوْدَاء وغلبت فِي الْبدن ونافض الرّبع يحس فِيهِ بِبرد قوي كبرد الشتَاء وَلَيْسَ تبتدئ من أول يَوْم بنافض قوى لكنه يُقَوي ويتزيد بِحَسب تزيدها على الْأَيَّام وَلَيْسَ يُوجد فِي نافضها الْبدن يحس بنخس لَكِن بِشَيْء كبرد ورض يصل مِنْهُ ألم إِلَى الْعِظَام فقد سمع أَصْحَاب هَذِه الْحمى يَشكونَ الوهن فِي عظامهم والرض فِي لحومهم والنبض فِي أول نوائبها ذُو صغر ضعف والإبطاء والتفاوت فِي حَال عَظمَة وَلَا تُوجد فِي غَيرهَا من الحميات حَتَّى أَنه يخيل إِلَيْك أَن الْعرق مشدود يجذب إِلَى دَاخل وَيمْنَع أَن يرْتَفع وَيبعد فِي هَذِه الْحَال عَن الْحَال الطبيعية بعدا أَكثر حَتَّى أَنه يَجْعَل نبض الشَّبَاب كنبض الشَّيْخ الْكَبِير جدا.

وَقَالَ: قد قلت أَنه لَيْسَ يشبه شَيْء من هَذِه الْحمى فِي ابتدائها ابْتِدَاء الغب لَا نافضها وَلَا نبضها والآن كنت عرفت نبض الْمَرِيض فِي صِحَّته فَلَيْسَ يحْتَاج فِي الدّلَالَة على الرّبع إِلَى عَلامَة أخري الْبَتَّةَ لِأَن انقلاب النبض فِي ابْتِدَاء هَذِه الْحمى إِلَى التَّفَاوُت والإبطاء يكون مفرطاً جدا.

وَقد حضرت قوما كنت أعرف نبضهم فِي حَال الصِّحَّة حموا حمى ربع فَقضيت عِنْدَمَا جستت الْعرق على الْمَكَان أَنه لَا يُمكن أَن يكون هَذَا الِابْتِدَاء لغير الرّبع وَكَانَ كَذَلِك فَأَما أَنْت فَإِن خالطك ألف هـ شكّ فَاسْتَعِنْ بالأشياء الْأُخَر وبالنظر فِي الْوَقْت فَإِن الخريف الْبَالِغ فِي الْبرد واليبس الْمُخْتَلف المزاج يعين على هَذِه والمختلف المزاج هُوَ أَن يكون اللَّيْل فِيهِ شَدِيد الْبرد)

وَالنَّهَار شَدِيد الْحر وبالنظر فِي الْبَلَد وَالتَّدْبِير والحميات المارضة وَانْظُر هَل فِي الطحال غلظ وَهل كَانَت عرضت لَهُ قبل ذَلِك حميات مختلطة وَهل الْحَال فِي تزيد حماه وبلوغه مُنْتَهَاهَا بضد الْحَال فِي الغب فِي حَرَكَة الْحَرَارَة الغريزية ضد مَا يجْرِي عَلَيْهِ الْأَمر فِي الغب وَمن لم يفرق بَين الغب وَبَين الرّبع فِي أول يَوْم فَلَيْسَ من الطِّبّ فِي شَيْء.

قَالَ: فَبِهَذَا الطَّرِيق تعرف الرّبع الْخَالِصَة الدائرة فَأَما اللَّازِمَة الْمُنَاسبَة لَهَا أَعنِي الَّتِي تشتد ربعا وَلَا تقلع فَإِنَّهُ لن يعسر تعرفها من أول نوبَة على من ارتاض فِي تعرف الدائرة رياضة جَيِّدَة فَأَما فِي النّوبَة الثَّانِيَة فَلَيْسَ يعسر ذَلِك على من لَيست لَهُ رياضة محكمَة فضلا عَن غَيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>