للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَإِذا عرض سُقُوط الْقُوَّة والغشي بِسَبَب شدَّة الوجع وحدة الْمَرَض فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى الاستفراغ فِي الْأَكْثَر لَا إِلَى الْغذَاء وَلذَلِك كثير من هَؤُلَاءِ إِن غذوا أضرّ بهم أضراراً شَدِيدَة.

وَمن عرض لَهُ بِسَبَب الاستفراغ وخلا الْعُرُوق وَاحْتَاجَ إِلَى التغذية فَإِن دبر تدبيراً لطيفاً أضرّ ذَلِك بِهِ إِلَّا أَن هَذَا الْإِضْرَار أقل ثباتاً من الأول. وَمن الْقَبِيح أَن لَا يعلم الطَّبِيب هَل سُقُوط الْقُوَّة من أجل الخوى أَو من أجل الوجع وَذَلِكَ أَنه إِن عرض سُقُوط الْقُوَّة بِسَبَب الخوى والطبيب يمْنَع من الأغذية ثمَّ أذن لَهُ فِيهِ بعض العواد وَيقبل مِنْهُ العليل وَنَفسه انْتَعش من سَاعَته كالميت الَّذِي يحيي كَانَ ذَلِك سبة على الطَّبِيب.

لي لَيْسَ ضرب من الغشي إِلَّا وَهُوَ يحْتَاج وقته ذَلِك إِلَى التغذي وَإِن كَانَ صعباً وَإِلَى مَا ينعش مثل أراييح الطّيب والأغذية ثمَّ التغذي بِمَا ينفذ ويغذي سَرِيعا فَإِذا اندفعت النّوبَة قصد حِينَئِذٍ فِي دفع السَّبَب فَرُبمَا احْتِيجَ أَن يدْفع بالتغذية وَرُبمَا دفع بالاستفراغ فتفقد هَذِه الْحَال عِنْد سُقُوط الْقُوَّة لِئَلَّا تغذو من لَا يحْتَاج إِلَيْهِ.)

وَقد يكون غشي من فضل ينصب إِلَى الْمعدة فتفقد ذَلِك تُعْطِي عَلامَة وعلاجاً لذَلِك الْوَقْت إِن شَاءَ الله عزّ وجلّ.

الأولى من الْفُصُول: لي أرى أَن الغشي من انحلال الْقُوَّة الحيوانية يحْتَاج إِلَى مَا يغذو وَمَا ينْحل بِسُرْعَة فَلذَلِك أبلغ الْأَشْيَاء الطّيب ألف هـ وَالشرَاب وَمَاء اللَّحْم وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا شَيْء يغذو الْبدن أسْرع من الَّتِي بِالرِّيحِ ثمَّ بالأشياء المرطبة السريعة النَّفاذ فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك جَيِّدَة للمعدة كَمَاء اللَّحْم الَّذِي يطيب بالقرنفل والمسك وَنَحْوه كَانَ فِي الْغَايَة من تَقْوِيَة الْقُوَّة.

قَالَ أبقراط: من احْتَاجَ بدنه إِلَى تَقْوِيَة سريعة جدا فأبلغ الْأَشْيَاء لَهُ مَا يشم. وَمن احْتَاجَ إِلَى مَا يرد قوته وَاحْتمل أَن يكون الزَّمَان أطول قَلِيلا وَلم يحْتَج إِلَيْهِ على الْمَكَان لَكِن بعد سَاعَة فالخمر وَمَاء اللَّحْم. وَأَبْطَأ من هَذِه الْأَجْسَام فغذ هَذِه الأغذية الصلبة.

لي على مَا رَأَيْت فِي الْفَصْل الَّذِي فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من الْفُصُول الَّذِي يُقَال فِيهِ شرب الشَّرَاب يشفي من الْجُوع إِذا كَانَ الغشي رُبمَا عرض لاستفراغ شَدِيد والعهد بِالطَّعَامِ بعيد فإياك أَن تجترئ أَن تُعْطِي شرابًا خَالِصا فَإِنَّهُ يعرض مِنْهُ التشنج والاختلاط وَلَكِن يُجزئ أَن يحسوا أَولا حسا من مَاء اللَّحْم وخبز سميد فَإِن لم يتهيأ لسرعة الْحَاجة فَاجْعَلْ الشَّرَاب فَاجْعَلْ الشَّرَاب فِي هَذَا الحساء وَلَا تسق خَالِصا فَإِن اضطررت فامزجه واسق مِقْدَارًا قَلِيلا وَإِذا ثبتَتْ الْقُوَّة وأمهلت أدنى مهل فَعَلَيْك بالحسو إِذا رَأَيْت ذَلِك.

وَمن يصبهُ غشي شَدِيد مَرَّات كَثِيرَة بِلَا سَبَب ظَاهر مثل حمى أَو استفراغ وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَمُوت الْخَامِسَة من الْفُصُول قَالَ: الغشي لَازم لكل استفراغ مفرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>