للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوتهم فِي الْأَمْرَاض وَعند ترك الْغذَاء سَرِيعا فَأَما المتناهون فِي الشَّبَاب فاحمل النَّاس لذَلِك وأشدهم قُوَّة وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمَان الحارة مِنْهَا بِسُقُوط الْقُوَّة وبالضد.

عَلامَة حُدُوث الغشي انْتِقَال الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن فيصفر اللَّوْن ويصغر النبض وَرُبمَا عرق عرقاً بَارِدًا ويصغر التنفس وَيَأْخُذ الْبَصَر يضعف ويتجلله ظلمَة ويهيج الْقَيْء فَمن هَذَا يكون حُدُوثه فِي زمَان قَلِيل وَهِي صفرَة اللَّوْن وَالْعين وظلمة الْبَصَر فَإِن هَذِه كلهَا تحدث الغشي وَمِنْهَا مَا يكون بعد الغشي بِوَقْت صَالح وَهِي صغر النبض وَالنَّفس والندى الْبَارِد فَلذَلِك إِذا رَأَيْت هَذِه فَخذ فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الاستعداد لَهُ فَإِن كَانَ استفراغ فبادر فاقطعه وَخذ أَولا فِي مَا يشم ثمَّ رش المَاء ثمَّ فِي الدَّلْك لفم الْمعدة ثمَّ فِي سقِِي الأحساء وَالشرَاب وَإِن كَانَ مَعَ غشي فقيئه.

الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ: أما تعرف قُوَّة الْمَرِيض فَلَيْسَ بَين الْأَطِبَّاء فِي تعرفها وَالْوُقُوف عَلَيْهَا اخْتِلَاف كاختلافهم وصعوبة الْأَمر عَلَيْهِم فِي تعرف الْمُنْتَهى لَكِن قد يُمكن أَن تعرف قُوَّة الْمَرِيض فِي أول دخلة تدْخلهَا عَلَيْهِ من نبض عرقه خَاصَّة وَسَائِر مَا وَصفه أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة. لي هَذَا هُوَ سهولة الحركات والاستلقاء الْمَحْمُود والسحنة الجيدة.

لي على مَا رَأَيْت فِي اغلوقن وَغَيره فِي الغشي الَّذِي يعرض للمفصود: يَنْبَغِي أَن تسْأَل المفصود ل هُوَ مِمَّن يعرض لَهُ ذَلِك الْأَمر أم لَا وتعرف ذَلِك أَنْت أَيْضا من مزاجه وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك لأَصْحَاب الْمعد الضعيفة وَالْعُرُوق الضيقة والأبدان الَّتِي الْمرة ألف هـ الصَّفْرَاء كَثِيرَة الْغَلَبَة جدا وَلمن لم يعْتد الفصد والمحمومين وَمن بِهِ قبل ذَلِك لذع فِي فَم معدته فسل عَن ذَلِك وتفقده فَإِذا مَا جَاءَك أول الغشي فاقطع الاستفراغ لِئَلَّا يكون مِنْهُ شَيْء صَعب فَإِذا غشي عَلَيْهِ فرش المَاء على وَجهه وادلك فَم معدته وألقمه كرة خرق وقيئه بريشة فَإِذا تقيأ فبادر فامزج شرابًا بِمَاء بَارِد واسقه فَإنَّك تمنع مَا ينصب إِلَى الْمعدة. فَإِن كفى وَإِلَّا فأعد ذَلِك وامزج بِهِ مَاء الرُّمَّان وشيئاً من كعك وادن من أَنفه الطّيب وضمد بِهِ.)

وينفع من الغشي أَن يصاح بِهِ بِصَوْت شَدِيد فِي أُذُنه مَرَّات إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ وَإِن جَاءَ غشي شَدِيد حَتَّى أَن العليل لَا يفِيق مِنْهُ نصف سَاعَة وَنَحْوهَا فافتح فَمه وأوجره شرابًا ريحانياً لطيفاً قد مزج بِهِ شَيْء من التفاح وَنَحْوه وَشَيْء من كعك قَلِيل مَرَّات كَثِيرَة وَصَحَّ بِهِ وهزه ورش عَلَيْهِ المَاء وَإِن كَانَ الْأَمر صعباً فدف فِيهِ شَيْئا من دَوَاء الْمسك وَقرب الْمسك إِلَى أَنفه فَإِن أَفَاق فاغذه وَبرد بدنه وطيبه لِئَلَّا يعود عَلَيْهِ وشجعه وقوِ قلبه فَإِن لم يفق فأوجره مَرَّات كَثِيرَة من ذَلِك الشَّرَاب والكعك وَصَوت بِهِ وَمد يَده وصب على صَدره المَاء الْبَارِد وعَلى رَأسه وَوَجهه وأوجره دَوَاء الْمسك مَعَ الشَّرَاب فَإِن لم يفق فَهُوَ ميت.

وَإِذا لم يتقيأ فِي الغشي وَلم يكن مَعَه غشيان فَإِنَّهُ غشي رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَنه غشي قلبِي لَا من الْمعدة وَلَا يكون فِي الفصد ذَلِك. وَمن كَانَت آفته عسرة فَلَا تسقه الشَّرَاب بِمَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>